سبب الخوض فيه والاطلاع على عجائبه، ولذلك قدمه على ذكر المطر والسحاب لان منشأهما البحر في غالب الامر، وتأنيث الفلك لأنه بمعنى السفينة.
وقرئ بضمتين على الأصل، أو الجمع، وضمة الجمع غير ضمة الواحد عند المحققين.
وما أنزل الله من السماء من ماء: " من " الأولى للابتداء، والثانية للبيان، و " السماء " يحتمل الفلك والسحاب وجهة العلو.
فأحيا به الأرض بعد موتها: بالنبات.
وبث فيها من كل دابة: عطف على " أنزل " كأنه استدل بنزول المطر و تكون النبات به وبث الحيوانات في الأرض، أو على (أحيا) فإن الدواب ينمون بالخصب ويعيشون بالماء. والبث: النشر والتفريق.
وتصريف الريح: في مهابها وأحوالها.
وقرأ حمزة والكسائي على الافراد (1).
والسحاب المسخر بين السماء والأرض: لا ينزل ولا يتقشع مع أن الطبع يقتضي أحدهما حتى يأتي أمر الله، وقيل: المسخر للرياح تقلبه في الجو بمشيئة الله تعالى، واشتقاقه من السحب، لان بعضه يجر بعضا.
لآيات لقوم يعقلون: يتفكرون فيها وينظرون إليها بعيون عقولهم.
والكلام المجمل في الاستدلال بهذه الأمور أنها ممكنة، وجد كل منها بوجه مخصوص من وجوه محتملة وأنحاء مختلفة، إذ كان من الجائز مثلا أن لا تتحرك السماوات، أو بعضها كالأرض، وأن تتحرك بعكس حركاتها، وبحيث تصير المنطقة دائرة مارة بالقطبين، وأن لا يكون لها أوج وحضيض أصلا، أو على هذا الوجه لبساطها وتساوي أجزائها، فلابد لها من موجد قادر حكيم يوجدها على ما تستدعيه حكمته وتقتضيه مشيئته، متعاليا عن معارضة غيره، إذ لو كان معه إله يقدر على ما يقدر عليه، فإن توافقت إرادتهما، فالفعل إن كان لهما لزم اجتماع المؤثرين