تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٠٦
في الزمان المطلق كما استعمل اليوم كذلك لمطلق اليوم في قوله " إذا جاء يوما إلى الخ " قوله يجد جمع كف يقال أعطيت فلانا جمع الكف: أي ملء الكف، وضربته بجمع كفى: إذا جمعت كفك ثم وجأته بها، ومن ذلك قول الفرزدق:
ولن يقدم نفسا قبل ميتتها * جمع اليدين ولا الصمصامة الذكر غير ملأى: غير ملآن، والصفر: الخالي، والواحد والجمع والذكر والأنثى فيه سواء، قوله يجد فرسا مثل العنان: أي عربيا ضامرا، وسيفا صارما: أي قاطعا، وسمى السيف حساما لأنه يحسم الدم: أي يسبقه فكأنه كواه والهبر: القطع من اللحم، هبرته: أي قطعته قطعا كبارا. والسمرة: لون البياض والأدمة. والخط: سيف البحرين، والرماح الخطية منسوبة إليه، قوله نوى القسب: هو نوع من التمر معروف. قد أربى: أي زاد، والربا الزيادة: يعنى يزيد كل ذراع من هذا الخطى على عشر كعوب وأنبوب، أراد وصفه بالصلابة، يقول: إذا جاء وارثي يبتغى الميراث بعدي يجد من تركتي ما هو غير كثير ولا قليل، وهو فرس ضامر وسيف صارم ورمح خطى، وقد حزم المضارع في جواب إذا وهو قليل.
(إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر) في سورة هود عند قوله تعالى (بسم الله مجريها ومرساها) من حيث إن الاسم مقحم، ويراد بالله إجراؤها وإرساؤها: أي بقدرته وأمره، والكلام على هذه الآية من جهة كون الحال مفردا أو جملة وتعلق بسم الله ومجريها ومرساها ومحله من الإعراب وغير ذلك من النكات طويل الذيل. قال صاحب التقريب: هذه المسألة من أمهات مسائل النحو وغررها. قيل إن لبيد بن ربيعة العامري كان له بنتان: أسماء ويسرة، فلما حضرته الوفاة قال:
يسر ابنتي أن يعيش أبوهما * وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر وفى ابني نزار عبرة إن سألتما * وإن تسألاهم تلقيا فيهما الخبر وفيمن سواهم من ملوك وسوقة * دعائم عرش خانه الدهر فانقعر فإن حال يوما أن يموت أبوكما * فلا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر وقولا هو المرء الذي لا صديقه * أهان ولا خان الأمين ولا غدر إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر كناعيتين تندبان لعاقل * أخا ثقة لا عين منه ولا أثر فلما مات بالكوفة كانت ابنتاه إذا أصبحتا خرجتا عليهما ثيابهما، ثم خرجتا إلى مجلس بنى جعفر بالكوفة فتندباه في غير إفراط من الثناء ولا هجر حتى إذا مضى الحول كفتا.
(لا تسأم الدهر منه كلما ذكرت * فإنما هي إقبال وإدبار) في سورة هود عند قوله تعالى (إنه عمل غير صالح) حيث جعلت ذاته عملا غير صالح مبالغة في ذمه، كقول الخنساء:
* فإنما هي إقبال وإدبار * وأوله: فما عجول على بو تطيف به * لها حنينان إصغار وإكبار لا تسأم الدهر منه كلما ذكرت * فإنما هي إقبال وإدبار يوما بأجود منهم يوم فارقني * صخر وللدهر إحلاء وإمرار
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»
الفهرست