تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٢٤
عليها. والزيف: التبختر، يصف الشاعر ناقة يسيل العرق من خلف أذنيها موثقة الخلق شديدة التبختر مثل فحل الإبل قد كدمته الفحول.
إذا ما درها لم يقر ضيفا * ضمن له قراه من الشحوم فلا نتجاوز العطلات منها * إلى البكر المقارب والكزوم ولكنا نعض السيف منها * بأسوق عافيات اللحم كوم) في سورة الأعراف عند قوله تعالى (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا) العطلة: الناقة الحسنة السمينة والعطلات جمعها. والمقارب: الذي ليس بسمين. والكزوم: الناب المسنة. وأسوق جمع ساق. وعافيات اللحم:
كثيرات اللحم، وفيه الشاهد، يقال عفت الناقة سنة أو سنتين: إذا تركت من الركوب والسفر. والكوم جمع كوماء: وهى العظيمة السنام. والمعنى: إذا كان در النوق قليلا بحيث لم يقر ضيفا لقلته ضمنت النوق قرى الضيف من شحومها، ثم يقول: ولا يتجاوز في النحر للأضياف من النوق الحسنة السمان إلى الهزال والهرمي منها، بل ينحر منها الكثيرات اللحم العظام السنان السمان، كما في قوله:
فلما أن علا سمن عليها * كما طينت بالفدن السياعا أمرت بها الرجال ليأخذوها * ونحن نظن أن لن تستطاعا ومثله قوله:
وإن تعتذر بالمحل عن ذي ضروعها * إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلى يعنى إذا اعتذرت الناقة إلى الضيف من المحل والجدب عن ذي ضروعها: يعنى اللبن الذي يكون في الضرع يجرح في عراقيبها نصلى: أي تذبح الناقة وتنحر لأجل الضيف. والنصل: هو السيف، وهذا كناية عن أنه مضياف يحب إكرام الضيف، ولله در القائل:
بشاشة وجه المرء خير من القرى * فكيف إذا جاء القرى وهو ضاحك (ومهما يكن عند امرئ من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلم) في سورة الأعراف عند قوله تعالى (وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين) من جهة أن الضمير في به وبها راجعان إلى مهما، إلا أن أحدهما ذكر على اللفظ، والثاني أنث على المعنى لأنه في معنى الآية، ونظيره قول زهير * ومهما يكن عندي امرئ من خليقة * يقول: مهما كان للإنسان من خلق حسن أم سبئ ظن أنه يخفى على الناس علم ولم يخف، والخلق والخليقة واحد، وذكر الضمير في يكن على المعنى لأنه بمعنى الخلق وأنث الباقية على اللفظ، والبيت من معلقة زهير المشهورة، وقد تقدم ذكر أبياتها.
(فلو كنت في جب ثمانين قامة * ورقيت أسباب السماء بسلم ليستدرجنك القول حتى تهره * وتعلم أنى عنكم غير مفحم) البيتان للأعشى. عند قوله تعالى في سورة الأعراف (والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) والجب: البئر. ورقيت: أي صعدت والواو بمعنى أو. وأسباب السماء: أي أبوابها. والسلم: المرقاة، وقيل سمى سلما لأنه يسلمك إلى المرتقى إليه، والاستدراج استفعال من الدرجة بمعنى الاستصعاد أو الاستنزال درجة
(٥٢٤)
مفاتيح البحث: سورة الأعراف (3)، العفو (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»
الفهرست