تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٣٥
حذفه كما حذف من هل والأصل أهل كما في البيت، فإذا أدخلت حرف الجر على من فقدر الهمزة قبل حرف الجر في ضمير، كأنك تقول: أعلى من تتنزل الشياطين، كقولك: أعلى زيد مررت. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الإنسان عند قوله تعالى (هل أتى على الإنسان) هل بمعنى فد في الاستفهام خاصة والأصل أهل بدليل قوله أهل رأونا الخ. فالمعنى قد أتى على التقرير والتقريب جميعا، ويربوع: أبو حي من اليمن، والشدة بفتح الشين ويروى بكسرها: وهى القوة، وسفح الجبل: أسفله، والقاع المستوى من الأرض، والأكم تل من القف والجمع آكام وأكم، وقوله أهل رأونا: أي قد رأونا، ولا يجوز أن يجعل هل استفهاما لأن الهمزة للاستفهام وحرف الاستفهام لا يدخل على مثله.
خرجن إلى لم يطمثن قبلي * وهن أصح من بيض النعام (فبتن بجانبي مصرعات * وبت أفض أغلاق الختام) في سورة الشعراء عند قوله تعالى (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون) ذكر الوادي والهيوم فيه تمثيل لذهابهم في كل شعب من القول واعتسافهم وقلة مبالاتهم بالغلو في المنطق ومجاوزة حد القصد فيه حتى يفضلوا أجبن الناس على عنترة وأشجعهم على حاتم، وأن يبهتوا البرى، ويفسقوا التقى، وعن الفرزدق أن سليمان بن عبد الملك سمع قوله:
فبتن بجانبي مصرعات * وبت أفض أغلاق الختام فقال: قد وجب عليك الحد، فقال: يا أمير المؤمنين قد درأ الله عنى الحد بقوله (وأنهم يقولون ما لا يفعلون).
(فلشد ما جاوزت قدرك صاعدا * ولشد ما قربت عليك الأنجم) هو للمتنبي في سورة النمل عند قوله تعالى (حتى إذا أتوا على واد النمل) حيث عدى أتوا بعلى لوجهين:
الأول أن إتيانهم كان من فوق فأتى بحرف الاستعلاء كما قال أبو الطيب: * ولشد ما قربت عليك الأنجم * لما كان قربا من فوق، الثاني أن يراد قطع الوادي وبلوغ آخره من قولهم أتى على الشئ إذا أنفذه وبلغ آخره، كأنهم أرادوا أن ينزلوا عند مقطع الوادي لأنه ما دامت الريح تحملهم في الهواء لا يخاف حطمهم، وأبو الطيب يهجو أحدا طلب منه أن يمدحه، وعنى بالأنجم شعره، وأتى بحرف الاستعلاء لما كان قربا من فوق. يقول: ما أشد تجاوزك قدرك حتى تطلب منى المديح.
(من سبأ الحاضرين مأرب إذ * يبنون من دون سيله العرما) في سورة النمل عند قوله تعالى (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) سبأ: اسم قبيلة، وسميت مدينة مأرب سبأ وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث، ومأرب مفعول الحاضرين. والعرم: السكر يصنع في الوادي ليحبس الماء، ويقال:
ذهبوا أيادي سبأ، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، فمن جعله اسما للقبيلة لم يصرف ومن جعله اسما للحي أو الأب الأكبر صرف، وهو في البيت بمعنى القبيلة يمدح أحدا ويقول: هو من قبيلة سبأ الحاضرين مدينة مأرب الذين بنو السد دون السيل، وأما من جعله اسما للحي أو الأب الأكبر فهو يصرفه كقوله:
الواردون وتيم في ذرى سبأ * قد عض أعناقهم جلد الجواميس
(٥٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 ... » »»
الفهرست