تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٢٥
بعد درجة كما في البيت، ومنه درج الصبى إذا قارب بين خطاه، وأدرج الكتاب: طواه شيئا بعد شئ، ودرج القوم: مات بعضهم في أثر بعض، وهر الشئ: إذا كرهه، وأفحمت فلانا: إذا لم يطق جوابك، والمعنى:
أنه يخاطب واحدا ويقول له: لو كنت مثلا في جب أو صعدت السماء ما تخلصت منى وأستصعدك من الجب وأستنزلك من السماء حتى تعلم أنى غير مفحم عن جوابك.
(قوم إذا الخيل جالوا في كواثبها) * فوارس الخيل لا ميل ولا قدم في سورة الأعراف عند قوله تعالى (يمدونهم في الغى ثم لا يقصرون) ثم لا يمسكون عن إغوائهم حتى يصروا ولا يرجعوا، وقوله (وإخوانهم يمدونهم) كقوله: قوم إذا الخيل الخ. في أن الخبر جار على ما هو له. الخيل:
الفرسان، والخيل أيضا: الفرس، والكاثبة من الفرس: ما تقدم من قربوس السرج، وهو من البعير: الغارب، ومن الرجال: الكاهل، ومن الحمار: السيساء، والميل جمع أميل: وهو الذي لا يثبت على ظهر الدابة. ولا قدم:
أي ولا لئام: أي هم فوارس الخيل لا يميلون عن وجوه الأعداء ولا لئام ضعاف صغار الجسام إذا ركب الفرسان الخيل وثبوا في كواثبها، يريد أن إخوانهم مبتدأ ويمدونهم خبر له مسند إلى الشياطين والعائد إليه ضمير المحذوف كما تقول جارية زيد يضربها، ومثل هذا يحتاج إلى إبراز الضمير في الصفة دون الفعل وكذا في البيت. الخيل مبتدأ وجالوا مسند إلى ضمير القول والخيل على حقيقتها لا جعلها بمعنى الفرسان وجعل ضمير جالوا لها وضمير كواثبها للأفراس المدلول عليها بذكر الخيل. واعترض بأن إذا انما تضاف إلى الجملة الفعلية فالخيل هنا فاعل فعل محذوف كما في (إذا السماء انشقت) فلا يكون مما جرى فيه الخبر على غير ما هو له. وأجيب بأن ذلك في إذا الشرطية وهذه لمجرد الظرفية: أي قوم هم فوارس الخيل زمان جولهم في كواثبها. ولم يعرف في النحو هذا التفصيل بل الجواب أنه قد علم في باب الإضمار على شريطة التفسير أن النصب بعد إذا أرجح لا واجب بناء على جواز إضافتها إلى الجملة الاسمية، وههنا يمتنع أو يبعد جعل الخيل فاعل محذوف لأن الظاهر لا يصلح تفسيرا له لكونه مسندا إلى ضمير القوم، اللهم إلا أن يجعل الخيل بمعنى الفرسان وضمير كواثبها للأفراس: وفيه بعد:
(لعمرك إن إلك من قريش * كإل السقب من رأل النعام) في سورة التوبة عند قوله تعالى (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة) لا يراعون حلفا، وقيل قرابة، وأنشد البيت لحسان * لعمرك إن إلك من قريش * الخ. الإل: القرابة. والسقب: حوار الناقة. والرأل: ولد النعام، أراد أنه لا قرابة بينك وبينهم كما أنه لا قرابة بين السقب وولد النعام، وإنما أقسم بعمره على سبيل التهكم، وفى طريق البيت قوله: أيها المنكح الثريا سهيلا * عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت * وسهيل إذا استقل يمان ونحو ذلك قوله:
أيها المدعى سليما سفاها * لست منها ولا قلامة ظفر إنما أنت من سليم كواو * ألحقت في الهجاء ظلما بعمرو (غداة طفت علماء بكر بن وائل) وعاجب صدور الخيل شطر تميم في سورة التوبة عند قوله تعالى (الذين اتبعوه في ساعة العسرة) والساعة مستعملة في معنى الزمان المطلق كما
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»
الفهرست