تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٢٩
حواس لها إدراك، وجعلها في الآية مسؤلة فهي حالة من يعقل. وقال سيبويه في قوله (رأيتهم لي ساجدين) إنما قال: رأيتهم في نجوم، لأنه لما وصفها بالسجود وهو فعل من يعقل عبر عنها بكناية من يعقل، والبيت لجرير ابن عطية من قصيدة ميمية أولها قوله:
سرت الهموم فبتن غير نيام * وأخو الهموم يروم كل مرام وإذا وقفت على المنازل باللوى * فاضت دموعي غير ذات نظام طرقتك صائدة القلوب وليس ذا * وقت الزيارة فارجعي بسلام لولا مراقبة العيون أريننا * مقل المها وسوالف الآرام هل ينهينك أن قتلن مرقشا * أو ما فعلن بعروة بن حزام ذم المنازل الخ، وبعده:
تجرى السواك على أغر كأنه * برد تحدر من متون غمام لو كنت صادقة بما حدثتنا * لوصلت ذاك فكان غير لمام (ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي * جعلت لهم فوق العرانين ميسما وهل كنت إلا مثل قاطع كفه * بكف له أخرى عليه تقدما) هو للمتلمس. في سورة الإسراء عند قوله تعالى (لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى) من جهة أن أنتم مرتفع بفعل يفسره المذكور كقول حاتم: لو ذات سوار لطمتني، وقول المتلمس: ولو غير أخوالي الخ، وذلك لأن الفعل الأول لما سقط لأجل المفسر برز الكلام في صورة المبتدأ والخبر، ولقد بلغ هذا الوصف بالشح الغاية التي لا يبلغها الوهم حيث ذكر لو أنهم ملكوا خزائن رحمة الله التي لا تتناهى وانفردوا بتملكها من غير مزاحم أمسكوها من غير مقتض إلا خشية الإنفاق، وإن شئت فوازن بقول الشاعر:
لو أن دارك أنبتت لك أرضها * إبرا يضيق بها فضاء المنزل وأتاك يوسف يستعيرك إبرة * ليخيط قد قميصه لم تفعل العرانين: الأنوف. والميسم: العلامة، يقول: لو كان الظلم والنقيصة جاءتني من غير أخوالي لو سمتهم بسمة من الذل اشتهروا بها ولم يمكنهم إخفاؤها، ولكن الجفاء يأتي منهم، فلو أنى أقابلهم بمثل صنيعهم كنت كمن قطع بيد له يده الأخرى كقاطع مارن أنفه بكفه. وقد أخذ هذا المعنى من قال:
قومي هم قتلوا أميم أخي * فلئن رميت يصيبني سهمي ولئن عفوت لأعفون جللا * ولئن جنيت لأوهنن عظمي والتقدير: لو أراد غير أخوالي، فلما سقط الفعل بالأول لأجل المفسر برز الكلام في صورة المبتدأ والخبر.
(تناوله بالرمح ثم أتنى له * فخر صريعا لليدين وللفم) هو لسريج بن أوفى العنسي. في سورة الإسراء عند قوله تعالى (ويخرون للأذقان) قال الزمخشري: إن قلت حرف الاستعلاء ظاهر المعنى إذا قلت خر على وجهه وعلى ذقنه، فما معنى اللام في خر لذقنه ولوجهه؟ قلت:
(٥٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»
الفهرست