الجزر لهم، وقد جعل للشمال يدا لأن المقاد في تصريف الغداة على حكم طبيعتها كالمدبر المصرف لمازمه ومقاده في كفه، وحكم الزمام في الاستعارة للغداة حكم اليد في استعارتها للشمال، إذ ليس هناك مشار إليه يكون الزمام قائما مقامه، ولكنه وفى المبالغة شرطها في الطرفين فجعل للغداة زماما كما جعل للشمال يدا مبالغة في إثبات التصرف.
(لقد ولد الأخيطل أم سوء * على باب استها صلب وشام) في سورة الأنعام عند قوله تعالى (بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) على تقدير قراءته بالياء، وإنما جاز للفصل كقوله * لقد ولد الأخيطل أم سوء * مثله حضر القاضي امرأة. كان الأخطل من نصارى العرب واسمه غياث بن غوث. وصلب جمع صليب وهو صليب النصارى. والشام جمع شامة وهى الخال والعلامة، والمراد منهما النقوش كما تفعل الواشمة، والقياس أن يقول ولدت لأن الفاعل مؤنث حقيقي، إلا أنه لما توسط الفاصل بين الفعل وفاعله تأخر الفاعل عن المرتبة المستحقة له.
(عوجوا على الطلل المحيل لأننا * نبكى الديار كما بكى ابن خذام) في سورة الأنعام عند قوله تعالى (وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) من جهة أن أنها بمعنى لعلها، من قول العرب ائت السوق أنك تشترى لنا لحما كما قال امرؤ القيس عوجوا الخ. قال في الصحاح: وأن المفتوحة تكون بمعنى لعل كقوله تعالى (وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) وقراءة أبى لعلها، والعوج: عطف رأس البعير بالزمام. والطلل المحيل: الذي حال عن صفته لصوب الأمطار وهبوب الرياح، لأننا بمعنى لعلنا وفيه الشاهد، وابن خذام بالخاء والذال المعجمتين: أول من بكى الديار من شعراء العرب، وقيل إنه كان طبيبا حاذقا، وفى المثل: أطب بالكي من ابن خذام.
(ألا يا قيل ويحك قم فهينم * لعل الله يسقينا غماما فيسقى أرض عاد إن عادا * قد أمسوا ما يبينون الكلاما) من العطش الشديد فليس يرجو * لها الشيخ الكبير ولا الغلاما وقد كانت نساؤهم بخير * فقد أمست نساؤهم عيامى وإن الوحش تأتيهم جهارا * فلا تخشى لعادى سهاما وأنتم ههنا فيما اشتهيتم * نهاركم وليلكم التماما فقبح وفدكم من وفد قوم * ولا لقوا التحية والسلاما في سورة الأعراف عند قوله تعالى (في أسماء سميتموها) وقوله هينم: أي ادع الله خفيفة، والهيمنة: كلام لا يفهم أو قراءة غير مبينة. وقالت فاطمة رضي الله عنها ومالت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم:
قد كان بعدك أنباء وهينمة * لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب وقوله: فليس يرجو لها الشيخ الكبير ولا الغلاما: أي ليس يرجو لها أحدا. وقوله عيامي، العيمة: شهوة اللبن حتى لا يصبر عنه. وقصة ذلك أن عادا لما كذبوا هودا عليه السلام وكانت لهم أصنام يعبدونها يقال لأحدهم صدا والآخر صمود والآخر الهباء، فدعاهم إلى توحيد الله تعالى فكذبوه (وقالوا من أشد منا قوة) فوعظهم بما ذكر الله تعالى في كتابه (أتبنون بكل ريع آية تعبثون) إلى آخر الآية: فكان من قولهم له كما ذكر الله تعالى (سواء