(ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود) أي تشهده جميع الخلائق. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الحج عند قوله تعالى (وجاهدوا في الله حق جهاده) أي جهادا فيه حقا خالصا لوجهه، فعكس وأضيف الحق إلى الجهاد مبالغة كقولك هو حق عالم، وأضيف الجهاد إلى الضمير اتساعا، أو لأنه مختص بالله من حيث إنه مفعول لوجه الله ومن أجله. واستشهد بالبيت المذكور في سورة الأحزاب عند قوله تعالى (فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) حيث قرئ تعتدونها بالتخفيف: أي تعتدون فيها كقوله: ويوم شهدناه الخ، والمراد من الاعتداء ما في قوله (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا).
(ضعيف النكاية أعداءه * يخال الفرار يراخى الأجل) في سورة هود عند قوله تعالى (إن أريد إلا الاصطلاح ما استطعت) ظرف: أي مدة استطاعتي الإصلاح وما دمت متمكنا منه لا آلوه جهدا، أو بدل من الإصلاح: أي المقدار الذي استطعته منه، ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف: أي الإصلاح إصلاح ما استطعت أو مفعول له كقوله * ضعيف النكاية أعداءه * أي ما أريد إلا أن أصلح ما استطعت إصلاحه من مفاسدكم، ومعناه: أنه لا ينكى العدو خوفا على نفسه، ويفر من المحاربة أن الفرار يؤخر الأجل، قال تعالى (إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم) ونصب الأعداء بالنكاية.
(لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت) * حمامة في غصون ذات أو قال في سورة هود عند قوله تعالى (أن يصيبكم مثل أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد) بالفتح، وهى فتحة بناء وذلك أنه فاعل كحاله في القراءة المشهورة، وإنما بنى على الفتح لإضافته إلى غير متمكن كقوله تعالى (إنه لحق مثل ما أنكم) أو نعت لمصدر محذوف، فالفتحة للإعراب والفاعل على هذا ضمير يفسره سياق الكلام: أي يصيبكم العذاب إصابة مثل ما أصاب، والعامة على ضم لام مثل على أنه فاعل يصيبكم. والبيت لأبى قيس بن رفاعة يصف الإبل إما بحدة الفؤاد وذلك محمود فيها، وإما بالحنين إلى الوطن، وفى الكلام قلب: أي لم يمنعها من الشرب إلا أنها سمعت فنفرت، يريد أنها حديدة الحس فيما قرع قراع ويجوز أن يريد أن الحمامة لما نطقت اشتاقت الناقة إلى وطنها وحنت إلى عطنها فامتنعت من الشرب. والشرب بالكسر: النصيب لا بالضم المصدر. غصون: أراد أن الحمامة في غصون. والأوقال جمع وقل: وهو الحجارة، وتقديره: في غصون ثابتة في أرض ذات أو قال. وقيل الوقل: شجر المقل أي في غصون ثابتة في أرض فيها مقل. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الفرقان عند قوله تعالى (وكان بين ذلك قواما) حيث كان قواما خبرا ثانيا أو حالا مؤكدة، أو هو الخبر وما بين ذلك لغو، وقد جوز أن يكون اسم كان على أنه بنى لإضافته إلى غير متمكن وهو ضعيف كقوله: لم يمنع الشرب منها الخ. قال الزمخشري: وهو من جهة الإعراب لا بأس به، ولكن المعنى ليس بقوى لأن ما بين الإسراف والتقتير قوام لا محالة. فليس في الخبر الذي هو معتمد الفائدة فائدة.
أقول: هذه العبارة من باب كان الذاهب جاريته صاحبها وهو غير مفيد على ما نصوا عليه.
(وإن أنا يوما غيبتني غيابتي * فسيروا بسيري في العشيرة والأهل) في سورة يوسف عند قوله تعالى (وألقوه في غيابة الجب) وهى غوره وما غاب عن عين الناظر وأظلم من أسفله. قال: وإن أنا يوما الخ. أراد مقبرته التي يدفن فيها. وقوله: فسيروا بسيري في العشيرة والأهل: كانت العادة إذا مات عظيم الشأن والمحل يطوف أحدهم على القبائل ويصعد الروابي المطلة عليهم والآكام المرتفعة