تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٨٨
في مضائهم، أو صباح الوجوه تبرق وجوههم كالسيوف قد علموا أن هالك. يريد أنه هالك كل انسان يحفى وينتعل: أي كل حاف وناعل كناية عن الفقير والغني: أي علم هؤلاء الفتيان أن الهلاك يعم الناس غنيهم وفقيرهم فهم يبادرون إلى اللذات قبل فواتها، وما ألطف مطلع قصيدة الشيخ صفي الدين الحلى في قريب من هذا المعنى في قوله: خذ فرصة اللذات قبل فواتها * وإذا دعتك إلى المدام فواتها والبيت للأعشى ميمون بن قيس من قصيدته المشهورة التي أولها:
ودع هريرة إن الركب مرتحل * وهل تطيق وداعا أيها الرجل إلى أن قال: تغرى بنا رهط مسعود وإخوته * يوم اللقاء فتردى ثم تعتزل ألست منتهيا عن تحت أثلتنا * ولست ضائرها ما أطت الإبل إلى أن قال: كناطح صخرة يوما ليوهنها * فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل ومنها ما استشهد به أهل البديع وهو:
ما روضة من رياض الحزن معشبة * قفراء جاد عليها مسبل هطل يضاحك الشمس منها كوكب شرق * مؤزر بعميم النبت مكتهل يوما بأطيب منها نشر رائحة * ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل علقتها عرضا وعلقت رجلا * غيري وعلق أخرى ذلك الرجل فكلنا مغرم هذا بصاحبه * ناء ودان ومحبول ومحتبل قالت هريرة لما جئت زائرها * ويلي عليك وويلي منك يا رجل ومنها: أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط * كالعطب يذهب فيه الزيت والفتل ومنها: غراء فرعاء مصقول عوارضها * تمشي الهوينا كما يمشي الوحي الوجل ومنها: قالوا الطراد فقلنا تلك عادتنا * أو تنزلون فإنا معشر نزل أخرج أبو الفرج في الأغاني قال: الأعشى أغزل الناس في بيت، وأخنث الناس في بيت، وأشجع الناس في بيت. أغزل بيت قوله * غراء فرعاء مصقول عوارضها * الخ. وأخنث بيت قوله:
* قالت هريرة لما جئت زائرها * الخ. وأشجع بيت قوله * قالوا الطراد فقلنا تلك عادتنا * الخ.
(يا صاحب البغى إن البغى مصرعة * فأربع فخير فعال المرء أعدله فلو بغى جبل يوما على جبل * لاندك منه أعاليه وأسفله) في سورة يونس عند قوله تعالى (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تمكر ولا تعن ماكرا ولا تبغ ولا تعن باغيا ولا تنكث ولا تعن ناكثا " وكان يتلوها وعنه عليه الصلاة والسلام " أسرع الخير ثوابا صلة الرحم، وأعجل الشر عقابا البغى واليمين الفاجرة " وروى " ثنتان يعجلهما الله تعالى في الدنيا:
البغى، وعقوق الوالدين " وعن ابن عباس رضي الله عنهما " لو بغى جبل على جبل لدك الباغي " وكان المأمون يتمثل بهذين البيتين في أخيه، وذلك الأخ هو الأمين حين ابتدأ بالبغي عليه وقصد قتله. والبغي: الظلم والفساد.
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»
الفهرست