رويدك أيها الملك الجليل * تأن وعده مما تنيل وجودك بالمقام ولو قليلا * فما فيما تجود به قليل أي تأن في سفرك وأخره واجعل ذلك من عرفانك وجودك بالإقامة ولو زمانا قليلا، فليس ما تجود به قليلا بل كثيرا وإن قل. شبه الحاسد والعدو بوداعه ورحيله لأنهما ينكبان قلب الشاعر ويوجعانه.
(أنصب للمنية تعتريهم * رجالي أم هم درج السيول) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (هم درجات عند الله) أي هم متفاوتون كما تتفاوت الدرجات. أنصب الخ: النصب رفعك الشئ تنصبه قائما مثل الغرض للسهم، قال الله تعالى (كأنهم إلى نصب يوفضون) وتعتريهم:
أي تصيبهم وتلحقهم، يقال اعتراه أمر كذا: إذا أصابه. والدرج: السبيل معناه: كأن رجالي لكثرة ما أصابهم غرض للموت أو طريق سيول الموت.
(فألفيته غير مستعتب * ولا ذاكر الله إلا قليلا) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) قرأ اليزيدي ذائقة الموت على الأصل، وقرأ الأعمش ذائقة الموت بطرح التنوين مع النصب كقوله (ولا ذاكر الله إلا قليلا) استشهد بالبيت المذكور على حذف التنوين من ذائقة لالتقاء الساكنين ونصب ما بعده، قال الأعلم: وفيه وجهان: إما التشبيه بحذف النون الخفيفة لملاقاة ساكن نحو اضرب الرجل، وإما التشبيه بما حذف تنوينه من الأعلام الموصوفة بابن مضاف إلى علم.
وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الصافات عند قوله تعالى (إنكم لذائقوا العذاب) على قراءة النصب على تقدير النون، وقرئ على الأصل لذائقون العذاب. واستشهد بالبيت المذكور في سورة الإخلاص حيث قرئ أحد الله بغير تنوين أسقط لملاقاته لام التعريف، والجيد هو التنوين وكسره لالتقاء الساكنين. والبيت لأبي الأسود الدؤلي. أخرج أبو الفرج في الأغاني قال: كان أبو الأسود يجلس إلى فناء امرأة بالبصرة فيتحدث إليها وكانت برزة جميلة، فقالت له: يا أبا الأسود هل لك أن أتزوجك فإني صناع الكف حسنة التدبير قانعة بالميسور؟ فقال:
نعم، فجمعت أهلها وتزوجته، فوجد عندها خلاف ما قدر وأسرعت في إتلاف ماله ومدت يدها إلى خيانته وأفشت سره وشكته إلى من كان حضر تزويجه إياها، فسألهم أن يجتمعوا عنده ففعلوا، فقال لهم:
رأيت امرأ كنت لم أبله * أتاني فقال اتخذني خليلا فخاللته ثم أكرمته * فلم أستفد من لدنه فتيلا فألفيته حين جربته * كذوب الحديث سروقا بخيلا فذكرته ثم عاتبته * عتابا رقيقا وقولا جميلا فألفيته غير مستعتب * ولا ذاكر الله إلا قليلا ألست حقيقا بتوديعه * وإتباع ذلك صرما طويلا فقالوا: بلى والله يا أبا الأسود، قال: تلكم صاحبتكم وقد طلقتها.
(وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا * جعلنا القنا والمرهفات له نزلا) هو لأبي الشعراء الضبي. في آل عمران عند قوله تعالى (وبئس المهاد) أي ساء ما مهدوا لأنفسهم النزل،