تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٠١
وقال أبو جعفر النحاس: ناص ينوص: أي تقدم فيكون من الأضداد، واستناص: طلب المناص كما في بيت حارثة المذكور، ويقال ناص إلى كذا ينوص نوصا: أي التجأ إليه يصف فرسا. قوله غمر الجراء: أي كثير الجري: استناص طلب المنجى. والمسحل: حمار الوحش سمى مسحلا لكثرة سحاله: أي شيهقه. والمعنى:
أنه إذا قصر عنانه ليقف طلب الخلاص ورام كعدو المسحل:
قد كنت رائدها وشاة محاذر * حذر يقل بعينه إغفالها وظللت أرعاها وظل يحوطها * حتى دنوت إذا الظلام دنا لها (فرميت غفلة عينه عن شاته) * فأصبت حبة قلبها وطحالها هي للأعشى، وقيل لعمر بن أبي ربيعة. في سورة ص عند قوله تعالى (ولى نعجة واحدة) من حيث جعل الشاة استعارة عن المرأة في قوله: فرميت غفلة عينه عن شاته. وشاة محاذر: أي امرأة رجل محاذر حذر لا يغفل عنها لشغفه بها وعزتها عنده. قوله وظلت أرعاها: أي أحفظها وأراقبها وأنظر إليها. ويحوطها أيضا يحفظها، حتى إذا جاء الليل ودنوت إليها ونظرت نظرة كالرمية وقعت بحبة القلب والتقدير فأصبت حبة قلبها وأصبت طحالها ولا يجوز خفضه لأن طحال لا حبة له، ولا يخفى ما في الرمي والإصابة من الجزالة والدلالة على كمال المحاماة وإلا لم يقصد غقلت، فإن من لا يحافظ على الشئ لا يحتاج في الظفر به إلى اعتراض غفلة وعلى كمال تهديه إلى ما قصد حيث أصاب سواء القرطاس في تلك اللمحة اليسيرة: أعنى زمن غفلة عينه، وهذا وجه إيثاره على غفلته.
(أعطى فلم يبخل ولم يبخل * كوم الذرى من خول المخول) في سورة الزمر عند قوله تعالى (ثم إذا خوله نعمة) أي أعطاه ناقة كوماء عظيمة السنام. الخول: ما أعطاه الله الإنسان من العبيد والنعم ولا واحد له من لفظه، والمخول: هو الله تعالى الذي خوله: أي أعطاه. وفى حقيقته وجهان:
أحدهما من قوله هو خائل مال وخال مال: إذا كان معتدا له حسن القيام به، ومنه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه كان يتخول أصحابه أحيانا بالموعظة " والثاني جعله من خال يخول: إذا اختال وافتخر، وفى معناه قول العرب: * إن الغنى طويل الذيل مياس * يقول أعطى ناقة كوماء من عطاء الله ولم يبخل بها، وقوله ولم يبخل للتأكيد:
(بالأمس كانت في رجاء مأمول * فأصبحت مثل كعصف مأكول) في سورة حمعسق عند قوله تعالى (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) من حيث إن تكرير كلمة التشبيه للتأكيد كما كررها من قال: * وصاليات ككما يؤثفين * وسيأتى، والعصف ما على الحب من التبن وما على ساق الزرع من الورق الذي يبس.
(وأوحى إلى الله أن قد تأمروا * بإبل أبى أوفى فقمت على رجلي) في الشورى عند قوله تعالى (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا) أي ألهمني الله وقذف في قلبي أن قوما نادوا بإبل أبى أوفى: أي أخذوها وغصبوها وصاروا أمراء بها فقمت في مددهم وتعصبهم لأردها، وقوله على رجلي بالجيم وبالحاء.
(زوجتها من بنات الأوس مجزئة * للعوسج اللدن في أبياتها زجل)
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»
الفهرست