تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٥٢
الأعلام كلفت نفسي قطعها وشايعني همي على قطعها إذا سرابها لمع. قوله بذات لوث، اللوث من الأضداد:
وههنا بمعنى القوة: أي بناقة قوية أي تواتي همي على قطع هذه البلدة المجهولة التي لا أعلام لها بناقة ذات قوة غليظة (ما شئت من زهزهة والفتى * بمصقلاباذ لسقى الزروع) في سورة ق عند قوله تعالى (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) أي قلب واع، لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له. وإلقاء السمع: الإصغاء. وهو شهيد: أي حاضر بفطنته، لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب.
والزهزهة من قول فارسي، يقال له عند الاستحسان زهازه. قال الزمخشري: وقد لمح الإمام عبد القاهر في قوله لبعض من يأخذ عنه ولا يحضر ذهنه بذلك البيت: يعني أن قول التلميذ في حال تعليمه إياه زه زه كثير ولكن قلبه غائب عنه وذاهب إلى مصقلاباذ يسقي زرعه، وقبله:
يجئ في فضله وقت له * مجئ من شاب الهوى بالنزوع ثم يرى جبلة مشبوبة * قد شددت أحماله للنسوع ما شئت الخ، ومصقلاباذ: محلة بجرجان، ذكر في الآية ما يفيد أن الأول أعني لمن كان له قلب تمثيل، وأن قوله وهو شهيد إما من الشهود بمعنى الحضور والمراد التفطن، لأن غير المتفطن منزل منزلة الغائب فجاز أن يكون استعارة وجاز أن يكون مجازا مرسلا والأول أولى، وإما من الشهادة وصفا للمؤمن لأنه شهد على صحة المنزل وكونه وحيا من الله تعالى فيبعثه على حسن الإصغاء، أو وصفا من قوله (لتكونوا شهداء على الناس) كأنه قيل: هو من جملة الشهداء: أي من المؤمنين من هذه الأمة. فهو كناية على الوجهين. وجاز أن يقال على الأول من هذين الوصف مقصود.
(قد حصت البيضة رأسي فما * أطعم نوما غير تهجاع أسعى على حبل بني مالك * كل امرئ في شأنه ساعي) هو لأبي القيس بن الأسلت. في سورة والذاريات عند قوله تعالى (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) حص شعره: إذا حلقه. والبيضة: المغفر. والهجوع: الفرار من النوم. والمراد انحسار الشعر عن الرأس باعتبار لبس المغفر وإدمانه إياه (أمن المنون وريبه تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع) في سورة الطور عند قوله تعالى (نتربص به ريب المنون) وريب المنون: ما يقلق النفس ويشخص بها من حوادث الدهر * والدهر ليس بمعتب من يجزع * أي لا يعتب الجازع ولا يزيل عتبه كما قيل:
عن الدهر فاصفح إنه غير معتب * وفي غير من قد وارت الأرض فاعتب ومن ذلك قول القائل:
ولو أن غير الموت شيئا أصابهم * عتبت ولكن ما على الموت معتب والبيت لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدة طويلة يرثى بها بنيه. قيل وهي أجود مرثية قالتها العرب، وأولها:
قالت أمامة ما لجسمك شاحبا * منذ ابتذلت وقل مالك ينفع أم ما لجنبك لا يلاطم مضجعا * إلا أقض عليك ذاك المضجع فأجبتها ارثي لجسمي إنه * أودى بني من البلاد فودعوا
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»
الفهرست