الاطلاق، بل بعضه أفصح وبعضه فصيح، فيكون واردا على جميع طرق الكلام وفنونه، وقد تقدم الكلام على ذلك عند قوله: * وألحق بالحجاز فأستريحا * فليراجع.
(وما المرء إلا كالشهاب وضوئه * يحور رمادا بعد إذ هو ساطع) في سورة يس عند قوله تعالى (فإذا هم خامدون) أي كما تخمد النار فتعود رمادا كما في قول لبيد يحور رمادا .
الشهاب: شعلة نار ساطع. يحور: أي يرجع، وسطع النور سطوعا: انتشر وانبسط: يعني ليس المرء في حالة الشباب إلا كمثل الشهاب الساطع، وكما أن آخر النار الرماد كذلك عاقبة الإنسان يرجع بالموت رمادا، وفي معناه قول المعري:
وكالنار الحياة فمن دخان * أوائلها وآخرها رماد وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الانشقاق عند قوله تعالى (إنه ظن أن لن يحور) أي يرجع إلى الله تعالى تكذيبا بالمعاد، ويقال لا يحور ولا يحول: أي لا يرجع ولا يتغير: قال لبيد: يحور الخ. وعن ابن عباس:
ما كنت أدري ما معنى يحور حتى سمعت أعرابيا يقول لبنت له: حوري: أي ارجعي، وبعد البيت:
وما المال والأهلون إلا وديعة * ولا بد يوما أن ترد الودائع والبيت للبيد من قصيدته المشهورة التي أولها:
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع * وتبقى الجبال بعدنا والمصانع أليس ورائي إن تراخت منيتي * لزوم العصا تحنى عليها الأصابع أخبر أخبار القرون التي مضت * أدب كأني كلما قمت راكع وآخرها: لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى * ولا زاجرات الطير ما الله صانع (إن عليك الله أن تبايعا * تؤخذ كرها أو ترد طائعا) في سورة ص عند قوله تعالى (والحق أقول) على تقدير نصب الحقين على أن الأول مقسم به حذف حرف القسم فانتصب كقوله * فذاك أمانة الله الثريد * و * ألا رب من قلبي له الله ناصح * كالله في:
* إن عليك الله أن تبايعا * وجوابه (لأملأن - والحق أقول) اعتراض بين المقسم به والمقسم عليه، ومعناه:
ولا أقول إلا الحق. قال أبو البقاء: إلا أن سيبويه يرفعه لأنه لا يجوز حذف حرف القسم إلا مع اسم الله، ويجوز نصبه على الإغراء: أي الزموا الحق، ويجوز أن يكون مصدرا مؤكدا لمضمون الجملة: أي قوله لأملأن، وبرواية أخرى * إن علي الله أن تبايعا * نصب اسم الله بأن: أي إن علي يمين الله تعالى، وتؤخذ منصوب بدل من تبايع: أي إن علي يمين الله أن تؤخذ، وبدل الفعل من الفاعل كبدل الاسم من الاسم.
(قد أصبحت أم الخيار تدعى * علي ذنبا كله لم أصنع) لأبي النجم العجلي. في سورة ص عند قوله تعالى (فالحق والحق أقول) أي أقوله كقوله تعالى في قراءة ابن عامر (وكل وعد الله الحسنى) وقول أبي النجم: قد أصبحت الخ، وبعد البيت:
من أن رأت رأسي كرأس أصلع * يا بنت عمى لا تلومي واهجعي أي إن هذه المرأة أصبحت تنسب إلي ذنبا ما صنعته، وتلومني على الشيب وهو ذنب الأيام لا ذنبي كما قال: