تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٦٣
في سورة يس عند قوله تعالى (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) أي أن ما قضاه من الأمور وأراد كونه فإنما سيكون، ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف. النسع: الذي ينسج عريضا يشد على وسط الدابة. والقدوم: المضي في الامر. والفنيق: الفحل المكرم. والمحنق: الضامر، من أحنق سنام البعير:
أي ضمر: أي إذا قالت الحزم للبطن أضمر حتى تلحق بالظهور وتلصق به، والقول منه تمثيل ومجاز إذ لا قول له، يصفها بالضمور وأن بطنها لصق بالقلب من الهزال. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الكهف عند قوله (جدارا يريد أن ينقض) حيث أسند الإرادة إلى الجدار، ونحوه قوله: * تقول سنى للنواة طنى * يصف شدة أكله، ونحوه قول أبي نواس:
فاستنطق العود قد طال السكوت به * لا ينطق اللهو حتى ينطق العود أي لا يحصل اللهو والفرح حتى يضرب العود فينطق: أي يصوت، وإسناد النطق إلى اللهو على سبيل المجاز ومثله (ولما سكت عن موسى الغضب).
(لقتل بحد السيف أهون موقعا * على النفس من قتل بحد فراق) في سورة البقرة عند قوله تعالى (والفتنة أشد من القتل). يقول: القتل بالسيف أهون على النفس من فراق الحبيب، ومن هذا قيل: أشد العذاب مفارقة الأحباب، وقيل وكل مصيبات الزمان وجدتها * سوى فرقة الأحباب هينة الخطب ولله در المتنبي حيث يقول:
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت * لها المنايا إلى أرواحنا سبلا (أحب أبا ثروان من حب تمره * وأعلم أن الرفق بالجار أرفق ووالله لولا تمره ما حببته * ولا كان أدنى من عبيد ومشرق) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وقرئ تحبون ويحببكم من حبه يحبه. وعبيد ومشرق: ابنا القائل. يقرر أن حبه إياه لأجل فائدة تنال منه، وأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، وهذا شاذ نادر لا يجئ من باب فعل يفعل بكسر العين في المستقبل من المضاعف فعل يتعدى إلا أن يشركه يفعل بضم العين نحو نم الحديث ينمه وشد الشئ يشده وكذا أخواتهما، وحبه يحبه جاءت وحدها شاذا لا يشاركها يفعل بضم العين.
(وذات حليل أنكحتها رماحنا * حلال لمن يبنى بها لم تطلق) في سورة النساء عند قوله تعالى (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) يعني من اللاتي سبين ولهن أزواج في دار الكفر فهن حلال لغزاة المسلمين إن كن محصنات. والبيت للفرزدق. روى أنه قيل للحسن وعنده الفرزدق: ما تقول فيمن يقول لا والله بلى والله؟ فقال: أما سمعت قولي في ذلك؟ قال الحسن: ما قلت: قال قلت: فلست بمأخوذ بلغو تقوله * إذا لم تعمد عاقدات العزائم فقال الحسن: أحسنت، ثم قيل ما تقول فيمن سبى امرأة ولها حليل؟ فقال: أما سمعت قولي؟ وأنشد:
وذات حليل أنكحتها رماحنا الخ. فقال الحسن: أحسنت، كنت أراك أشعر فإذا أنت أشعر وأفقه أيضا.
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»
الفهرست