تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٥٦
(إليك أمير المؤمنين رمت بنا * شعوب النوى والهوجل المتعسف وعض زمان يا ابن مروان لم يدع * من المال إلا مسحت أو مجلف) هو للفرزدق. في سورة البقرة عند قوله تعالى (فشربوا منه إلا قليل منهم) حيث رفع مسحت مع كونه استثناء مفرغا في موضع المفعول به وهذا من ميلهم مع المعنى لأنه في موضع الفاعل والإعراض عن اللفظ جانبا، وهو باب جليل من علم العربية، فلما كان معنى فشربوا في معنى فلم يطيعوه حمل عليه كأنه قال: فلم يطيعوا إلا قليل منهم. وأتى الزمخشري في سورة طه إلا مسحت أو مجلف وقال: بيت لم تزل الركب تصطك في تسوية إعرابه. فمن روى إلا مسحت أو مجلف كأنه قال: لم يبق من المال إلا مسحت أو مجلف، ومن روى إلا مسحتا أو مجلف فإنه رفع مجلف بالعطف على المعنى، لأن المعنى في قوله لم يدع إلا مسحتا بقى مسحت فكأنه قال: وبقى مجلف. وقال بعض النحاة: لم يدع: أي لم يستقر، فعلى هذا المعنى لم يدع من المال إلا مسحت أو مجلف: أي لم يستقر من المال ويرتفع مسحت بفعله. قيل سئل الفرزدق إن كان من الموجب فهلا قلت مجلفا؟ وإن كان من غيره فهلا قلت مسحت؟ فقال: قلت ذلك لتشقى به النحويون.
(هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم * ماضي العزيمة ما في حكمه جنف) في سورة البقرة عند قوله تعالى (وذروا ما بقي من الربا) حيث قرئ بسكون الياء كما في قوله ما رضي لكم.
(لقد زاد الحياة إلي حبا * بناتي أنهن من الضعاف مخافة أن يذقن البؤس بعدي * وأن يشربن رنقا بعد صاف وأن يعرين إن كسى الجواري * فتنبو العين عن كرم عجاف ولولا هن قد سومت مهري * وفي الرحمن للضعاف كاف) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (مثل ما ينفقون) حيث شبه ما كانوا ينفقون من أموالهم في المكارم والمفاخر وكسب الثناء وحسن الذكر بين الناس لا يبتغون به وجه الله تعالى بالزرع الذي حسه البرد فذهب حطاما على تقدير أن يكون من قولك إن ضيعني فلان ففي الله كاف. قائل هذا رجل من تيم، وكان قد تلوم في الخروج إلى الغزو ومنعته الشفقة على بنيات له وفقد من يعولهن بعده. الرنق: كدر الماء. ونبا عنه: إذا فارقه. والعجاف جمع أعجف: وهو الذي لا سمن له. وسومت مهري: أي جعلت له علامة، والسيمياء العلامة. يقول: إن جبني وتخلفي عن الغزو لهؤلاء البنات فإني إن قتلت لم يبق من يكسب لهن فعرين وجعهن ونبت عين من يتزوجهن عنهن، ولولا هن سومت مهري للغزو.
(لجماعة سموا هواهم سنة * وجماعة حمر لعمري موكفه قد شبهوه بخلقه وتخوفوا * شنع الورى فتستروا بالبلكفه) البيتان للزمخشري. عند قوله تعالى (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل) إلى آخر الآية. موكفه من الإكاف:
وهو البرذعة. والبلكفة قولك بلا كيف يقرر مذهبه في نفي الرؤية، ويقدح في أهل السنة والجماعة الذين يصدقون بأن رؤية الله تعالى حق، ويقولون نرى ربنا يوم القيامة بلا كيف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته " وكان الشافعي رضي الله عنه يتمسك في إثبات
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»
الفهرست