تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٥٥
(جذمنا قيس ونجد دارنا * ولنا الأب به والمكرع) في سورة عبس عند قوله تعالى (وفاكهة وأبا) الجذم بالكسر والفتح: الأصل، وجذم القوم: أصلهم.
والأب: المرعى لأنه يئوب وينتجع، والأب والأم أخوان. قيل إن بعضهم خاطب مخدوما وقال له: أنت عندنا مثل الأب بتشديد الباء. فقال له: لعلك ترعاني. والمكرع: المنهل، يقال كرع الماء: أي تناوله بفيه. يقول:
أصلنا من قبيلة قيس ومرعانا ومنهلنا نجد.
(قوم إذا نقع الصريخ رأيتهم * من بين ملجم مهره أو سافع) في سورة العلق عند قوله تعالى (لنسفعا بالناصية) السفع: القبض على الشئ وجذبه بشدة. نقع الصوت:
إذا ارتفع. الشاعر يصفهم بالسرعة إلى الحرب والنصرة، حتى إن بعضهم يأخذ بناصية مهره ولا يلجمه تعجيلا من الإجابة، ولهذا خص المهر لأنه حاضر يرى في البيت. والأسفع: الذي أصاب خده لون يخالف سائر لونه من سواد. وقيل في قوله تعالى (لنسفعا بالناصية) أي لنعلمنه علامة أهل النار فيسود وجهه وتزرق عينه فاكتفى بالناصية من سائر الوجه لأنها في مقدم الوجه.
حرف الفاء (وغيضة الموت أعني البذ قدت لها * عرمرما لخروق الأرض معتسفا كانت هي الوسط المحمى فاكتنفت * بها الحوادث حتى أصبحت طرفا) في سورة البقرة عند قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) الغيضة في الأصل: مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر وههنا المعسكر. والبذ: اسم موضع. وعرمرما: أي جيشا. وخروق الأرض: طرائقها. والعسف:
ركوب الأمر من غير تدبير، وعسف عن الطريق: أي حاد عنه. والوسط: المحمى. يقال للخيار وسط لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل. والأعواز والأوساط محمية محفوظة، ومعناه: مجتمع العسكر، قدت لها عسكرا كثيرا من كثرتهم لا يقدرون أن يسيروا سواء السبيل بل يعتسفون عنه، وكانت تلك المعركة وسطا محميا لا يتطرق إليه الفساد، فأصبحت بتلك الوقعة طرفا يتسارع إليه الفساد. والشعر لأبي تمام يصف فيه البذ وهي قلعة بابك الخرمي ظهر في أيام المعتصم، وبعده:
وظل بالظفر الأفشين مرتديا * وبات بابكها بالذل ملتحفا والأفشين كان صاحب جيش المعتصم، والقصيدة في مدحه.
[تتمة] قولهم العشر الأوسط عامي، ولا عبرة بما فشا على ألسنة العوام مخالفا لما نقله أئمة اللغة، لأن العشر جمع والأوسط مفرد ولا يتبع الجمع بمفرد، على أنه يحمل على غلط الكتاب بإسقاط الألف من الأواسط والهاء من العشرة.
(إن لنا أحمرة عجافا * يأكلن كل ليلة إكافا) في سورة البقرة عند قوله تعالى (ما يأكلون في بطونهم إلا النار) يعني فعلفها كل ليلة ثمن إكاف. وفي المثل:
تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها: أي لا تأكل أجرة الرضاع. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة التوبة عن قوله تعالى (ليأكلون أموال الناس بالباطل) من حيث أن الأموال يؤكل بها فهي سبب الأكل.
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»
الفهرست