الرؤية بقوله تعالى (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) قال: لما حجب الكفار بالسخط دل على أن الأولياء يرونه في الرضا. " وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رؤية العباد ربهم يوم القيامة؟ فقال: منهم من ينظر إلى ربه في السنة مرة، ومنهم من ينظر إلى ربه في الشهر مرة، ومنهم من ينظر إلى ربه في الجمعة مرة، ومنهم من ينظر إلى ربه بكرة وعشية " رزقنا الله تعالى رؤيته في الآخرة كما رزقنا في الدنيا بكرمه معرفته. ولقد عورض ما أنشده وأنشأه من الهذيان بأبيات ذكرها السكوني في التمييز، وهي:
سميت جهلا صدر أمة أحمد * وذوي البصائر بالحمير الموكفه ورميتهم عن نبعة سميتها * رمى الوليد غدا يمزق مصحفه وزعمت أن قد شبهوه بخلقه * وتخوفوا وتستروا بالبلكفه نطق الكتاب وأنت تنطق بالهوى * فهوى الهوى بك في المهاوي المتلفه وجب الخسار عليك فانظر منصفا * في آية الأعراف فهي المنصفه أترى الكليم أتى بجهل ما أتى * وأتوا شيوخك ما أتوا عن معرفه (أنى ألم به الخيال يطيف * ومطافه لك ذكره وشغوف) هو لكعب بن زهير عند قوله تعالى (إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) طيف من الشيطان: لمة منه، من قولهم: طاف به الخيال يطيف طيفا. وأنى معناه: فكيف وأين. وألم: أي نزل، والإلمام: الزيارة. والشغوف: امتلاء القلب من الحب.
(للبس عباءة وتقر عيني * أحب إلي من لبس الشفوف) في سورة هود عند قوله تعالى (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) بالنصب بإضمار أن، كأنه قال:
لو أن لي قوة أو أويا، وجواب لو محذوف تقديره لدفعتكم. العباء: نوع من الأكسية فيه خطوط سود.
والشفوف: الرقاق من الثياب، والشف من الستور: الذي يرى ما خلفه. تقول: لبس ثياب خشنة من حلال بلا رعونة وبعده تقر عيني أحب إلي من لبس ثياب تنعم وتكلف فيها سخنة عيني في المآل. قال سيبويه: التقدير للبس عباءة وأن تقر عيني، فهو كقوله (أو يرسل رسولا) في تقدير وأن يرسل رسولا، والبيت قالته ميسون بنت بحدل الكلبية زوجة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وأم ابنه يزيد، وكانت بدوية الأصل فضاقت نفسها لما تسرى عليها فعذلها عن ذلك معاوية وقال لها: أنت في ملك عظيم وما تدرين قدره، وكنت قبل اليوم في العباءة، فقالت: للبس عباءة الخ، ومنها:
وبيت تخفق الأرياح فيه * أحب إلي من قصر منيف وبكر تشبع الأظعان سقيا * أحب إلي من بغل زفوف وكلب ينبح الطراق عني * أحب إلي من قط ألوف وخرق من بني عمي نحيف * أحب إلي من جلف عليف ولبس عباءة وتقر عيني الخ.
فما أبغي سوى وطني بديلا * فحبي ذاك من وطن شريف