تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٤٨
فقلدوا أمركم لله دركم * رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه * هم يكاد حشاه يقصم الضلعا لا مترفا إن رخى العيش ساعده * ولا إذا عض مكروه به خشعا ما زال يحلب هذا الدهر أشطره * يكون متبعا طورا ومتبعا حتى استمرت على شزر مريرته * مستحكم الرأي لا قحما ولا ضرعا والرحب والرحيب: الشئ الواسع، ورحب الذراع كناية عن الجود. وقوله مضطلعا، يقال اضطلع فلان بهذا الحمل: إذا قوى واحتمله أعضاؤه.
(تتخلف الآثار عن أصحابها * حينا ويدركها الفناء فتتبع) لأبي الطيب. في سورة القصص عند قوله تعالى (وكنا نحن الوارثين) أي تركنا تلك المساكن على حال لا يسكنها أحد وخربناها وسويناها بالأرض. فالوراثة مجرد انتقالها من أصحابها. وأما إلحاقها بما خلق الله في البدء فكأنه رجع إلى أصله ودخل في عداد خالص ملك الله تعالى على ما كان أولا، وهذا معنى الإرث (ألا إلى الله تصير الأمور).
(دعوت كليبا دعوة فكأنما * دعوت به ابن الطود أو هو أسرع) في سورة الروم عند قوله تعالى (ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون) المراد سرعة ذلك من غير توقف ولا تلبث كما يجيب الداعي المطاع مدعوه، ومنه البيت يريد بابن الطود: الصدى أو الحجر إذا تدهدى هذا من الاختصار، كما تقول رأيت بزيد الأسد: أي إذا رأيته رأيت الأسد.
(الألمعي الذي يظن بك الظن * وكأن قد رأى وقد سمعا) البيت لأوس بن حجر من قصيدته المشهورة التي قالها في فضالة بن كلدة يمدحه فيها في حياته، ويرثيه بعد مماته، وأولها:
أيتها النفس احملى جزعا * إن الذي تحذرين قد وقعا إن الذي جمع السماحة والنجدة * والبر والتقى جمعا وبعده البيت في سورة لقمان عند قوله تعالى (هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون) أي أن الصفة كاشفة. حكى عن الأصمعي أنه سئل عن الألمعي فأنشد البيت وهو منصوب على الوصف، والخبر يأتي بعد ستة أبيات وهو قوله:
أودى فلا تنفع الإشاحة من * أمر لمن يحاول البدعا أي هلك فلا ينفع الحذر من أمر لمن يطلب البدع تلخيصه الحذر، والجد لا يغني عن نزول النوازل لطالبي عظائم الأمور تنبيها على أن المرثى كان منهم.
(والدهر لا يبقى على حدثانه * جون السراة له جدائد أربع) في سورة الملائكة عند قوله تعالى (ومن الجبال جدد بيض) وقرأ الزهري جدد بالضم جمع جديدة وهي الجدة، يقال جديدة وجدد وجدائد كسفينة وسفن وسفائن، وقد فسر بها قول أبي ذؤيب جون السراة الخ.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست