تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٢٢
(إن يسألوا الخير يعطوه وإن جهدوا * فالجهد يخرج منه أطيب أخبار هينون لينون أيسار ذوو كرم * سواس مكرمة أبناء أيسار لا ينطقون عن الفحشاء إن نطقوا * ولا يمارون من ماري بإكثار من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم * مثل النجوم التي يسرى بها الساري) هي لعبيد بن العرندس. في سورة الزخرف عند قوله تعالى (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) أي بالغة أقصى مراتب الإعجاز، بحيث يحسب كل من ينظر إليها أنها أكبر من كل ما يقاس بها من الآيات. والمراد وصف الكل بغاية الكبر من غير ملاحظة قصور في شئ منها أو لا وهي مختصة بضرب من الإعجاز، وليس في هذا الكلام تناقض من حيث يلزم أن تكون كل آية من الآيات فاضلة ومفضولة في حالة واحدة، لأن الغرض من هذا الكلام أنهن موصوفات بالكبر لا يكدن يتفاوتن فيه، وعلى ذلك بنى الناس كلامهم فيقولون: رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض. ومنه بيت الحماسة: من تلق منهم الخ. وهذا كما فاضلت الأنمارية بين الكملة من بنيها ثم قالت لما أبصرت مراتبهم متدانية قليلة التفاوت: ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها، وعلى العكس من هذا قوله:
ولم أر أمثال الرجال تفاوتا * لدى الفضل حتى عد ألف بواحد (نعى النعاة أمير المؤمنين لنا * يا خير من حج بيت الله واعتمرا حملت أمرا عظيما فاصطبرت له * وقمت فيه بأمر الله يا عمرا الشمس طالعة ليست بكاسفة * تبكى عليك نجوم الليل والقمرا) في سورة الدخان عند قوله تعالى) فما بكت عليهم السماء والأرض) وفيه تهكم بهم وبحالهم النافية لحال من يعظم فقده فيقال: بكت عليه السماء والأرض، وكانت العرب إذا مات منهم رجل خطير قالت في تعظيم هلكه:
بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح، وأظلمت له الشمس، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من مؤمن مات في غربة غابت فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض " وقال جرير:
* تبكى عليه نجوم الليل والقمرا * وهو يرثى به عمر بن عبد العزيز، وقوله: والقمر مفعول معه: أي مع القمر، وقيل نجوم الليل بالنصب: أي ليست بكاسفة نجوم الليل، وقدم تبكى عليك بين فعل الشمس ومفعولها، ومعناه: تبكى عليك الشمس.
(أليس ورائي إن تراخت منيتي * أدب الولدان أزحف كالنسر) هو لعبيد. في سورة الجاثية عند قوله تعالى (من ورائهم جهنم) أي أمامهم لأنهم في الدنيا، والوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام، وههنا بمعنى قدام وكذلك في قوله تعالى (من ورائهم جهنم) وقوله: (وكان وراءهم ملك)، وتراخت: تباعدت. وأدب: أمشى على هينة وتؤدة. والصبي يزحف على الأرض قبل أن يمشى: إذا حبا. والنسر: طائر. قال شارح الأبيات: والمصراع الأول من قول لبيد بن ربيعة وقوله هكذا:
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»
الفهرست