الاشتراك في البحث عن متشابه الآي، فكان هذا الكتاب مجموعة مسائل متنوعة، ولكل مسألة استقلالها العلمي وفائدتها الخاصة، لا كسائر مؤلفات علم التفسير. فما أجدر هذا الجزء بمجموعه أن يستطيل بهذا الاستقلال العلمي ويقوم بنفسه غنيا عن أخواته في الفائدة! وإن كنا - ومعنا رواد المعارف - نتلهف لهاتيك الضائعة تلهف الضمآن لنهلة ماء بارد.
وفوق ذلك أن أكثر متشابهات القرآن العزيز متماثلة التشابه والاجمال، فكم كان يغنينا حل عقود الامر المشتبه في 37 آية عن حله في نظيراتها من مئات الآيات. على أن المؤلف سيذهب بك يمينا وشمالا في الآيات غير المتشابهة، فيلم بك إلمامة كافية في جملتها، حتى لتجدك قد جست خلال جملة القرآن، عارفا بمناسبات آياته ونكاتها ومعانيها، وهذا ما زاد في قيمة هذا السفر الجليل، والتشجيع على اخراجه للمستفيدين تنقع به الغلة وتشفى به العلة.
وبعد، فليست هذه بدعة في النشر، وعلى الأقل ليست بأول بدعة ابتدعت، ما دام الاحتفاظ بتراث السلف وتخليد آثارهم سنة محبوبة لا تقتصر على نشر ما جادت به أقلامهم كاملة، وما دام نشر الناقص منها يقوم بكثير من واجب خدمة العلم والثقافة.
وبعد هذا كله، فلنا الامل أن نجد من هذا الجزء مفتاحا لباقي الاجزاء الموصدة في حصون الاهمال أو النسيان، إن لم تكن قد ذهبت من كرة الأرض.
وما أسعد تلك الساعة التي تخبرنا عن قبضنا على هذه الاجزاء، لنضعها