يكن عليهم عيب (حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) حيث لم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أهلوهم فضاقت عليهم المدينة حتى خرجوا منها وضاقت عليهم أنفسهم حيث حلفوا ان لا يكلم بعضهم بعضا فتفرقوا وتاب الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم، وقوله في المنافقين قل لهم يا محمد (انفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم انكم كنتم قوما فاسقين - إلى قوله - وتزهق أنفسهم وهم كافرون) وكانوا يحلفون لرسول الله صلى الله عليه وآله انهم مؤمنون فأنزل الله (ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ أو مغارات) يعني غارات في الجبال (أو مدخلا) قال موضعا يلتجئون إليه (لولوا إليه وهم يجمحون) اي يعرضون عنكم وقوله (ومنهم من يلمزك في الصدقات فان أعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) فإنها نزلت لما جاءت الصدقات وجاء الأغنياء وظنوا ان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسمها بينهم فلما وضعها في الفقراء تغامزوا رسول الله صلى الله عليه وآله ولمزوه وقالوا نحن الذين نقوم في الحرب ونغزو معه ونقوي امره ثم يدفع الصدقات إلى هؤلاء الذين لا يعينونه ولا يغنون عنه شيئا فأنزل الله (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا إلى الله راغبون) ثم فسر الله الصدقات لمن هي وعلى من تجب فقال (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) فأخرج الله من الصدقات جميع الناس إلا هذه الثمانية الأصناف الذين سماهم الله، وبين الصادق عليه السلام منهم فقال الفقراء هم الذين لا يسألون وعليهم مؤنات من عيالهم والدليل على أنهم هم الذين لا يسألون قول الله في سورة البقرة " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس الحافا " والمساكين هم أهل الزمانة من العميان
(٢٩٨)