لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) يقول تعرف أهل الغدر والذين جلسوا بغير عذر وفي رواية علي بن إبراهيم قوله (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر - إلى قوله - ما زادوكم إلا خبالا) اي وبالا (ولا وضعوا خلالكم) أي يهربوا عنكم.
وتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوم من أهل ثبات وبصائر لم يكن يلحقهم شك ولا ارتياب ولكنهم قالوا نلحق برسول الله صلى الله عليه وآله منهم أبو خثيمة وكان قويا وكانت له زوجتان وعريشتان فكانت زوجتاه قد رشتا عريشتيه وبردتا له الماء وهيئتا له طعاما، فأشرف على عريشته، فلما نظر اليهما قال والله، ما هذا بانصاف رسول الله صلى الله عليه وآله فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قد خرج في الصخ (1) والريح وقد حمل السلاح مجاهدا في سبيل الله وأبو خثيمة قوي قاعد في عريشته وامرأتين حسناوتين لا والله ما هذا بانصاف ثم اخذ ناقته فشد عليها رحله فلحق برسول الله صلى الله عليه وآله فنظر الناس إلى راكب على الطريق فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله كن أبا خثيمة، فاقبل وأخبر النبي بما كان منه فجزاه خيرا ودعا له.
وكان أبو ذر رحمه الله تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة أيام وذلك أن جمله كان أعجف (2) فلحق بعد ثلاثة أيام به ووقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه وحمل ثيابه على ظهره فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله كن أبا ذر فقالوا هو أبو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أدركوه بالماء فإنه عطشان فأدركوه بالماء ووافى أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه إداوة فيها ماء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا أبا ذر معك ماء وعطشت؟ فقال نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي انتهيت