وعاد حجرا مثله، فيقول: كذلك مثلك، أعطاك الله من الملك ما أعطاك فلم ترض به حتى طلبت أمرا لم يطلبه أحد كان قبلك، ودخلت مدخلا لم يدخله انس ولا جان، يقول: كذلك ابن آدم لا يشبع حتى يحثى عليه التراب (1) قال: فبكى ذو القرنين بكاءا شديدا وقال: صدقت يا خضر يضرب لي هذا المثل، لا جرم انى لا أطلب اثرا في البلاد بعد مسلكي هذا ثم انصرف راجعا في الظلمة، فبينا هم يسيرون إذا سمعوا خشخشة تحت سنابك خيلهم (2) فقالوا: أيها الملك ما هذا؟ فقال: خذوا منه، فمن أخذ منه ندم ومن تركه ندم، فأخذ بعض وترك بعض، فلما خرجوا من الظلمة إذا هم بالزبرجد، فندم الآخذ والتارك، ورجع ذو القرنين إلى دومة الجندل (3) وكان بها منزله، فلم يزل بها حتى قبضه الله إليه.
قال: وكان صلى الله عليه وآله إذا حدث بهذا الحديث قال: رحم الله أخي ذو القرنين ما كان مخطئا إذا سلك ما سلك، وطلب ما طلب، ولو ظفر بواد الزبرجد في مذهبه لما ترك فيه شيئا الا أخرجه للناس، لأنه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع، فقد زهد (4) 80 - جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر رفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام قال:
ان ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير، ثم حمل في مسيره ما شاء الله، ثم ركب البحر فلما انتهى إلى موضع منه قال لأصحابه: دلوني فإذا حركت الحبل فأخرجوني فإن لم أحرك الحبل فأرسلوني إلى آخره، فأرسلوه في البحر وأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوما، فإذا ضارب يضرب جنب الصندوق، ويقول: يا ذا القرنين أين تريد؟ قال: أريد