وكذبت وعدي لقومي لا وعزة ربى لا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه (1) ناحية بحر أيلة (2) متنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه، فيقول له: يا كذاب، فلذلك قال الله: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) الآية ورجع تنوخا إلى القرية فلقى روبيل فقال له: يا تنوخا أي الرأيين كان أصوب وأحق ان يتبع رأيي أو رأيك؟ فقال له تنوخا: بل رأيك كان أصوب، ولقد كنت أشرت برأي الحكماء والعلماء، وقال له تنوخا: اما انى لم أزل أرى انى أفضل منك لزهدي وفضل عبادتي، حتى استبان فضلك بفضل علمك وما أعطاك الله ربك من الحكمة مع أن التقوى أفضل من الزهد والعبادة بلا علم، فاصطحبا فلم يزالا مقيمين مع قومهما ومضى يونس على وجهه مغضبا لربه، فكان من قصته ما أخبر الله به في كتابه إلى قوله: (فآمنوا فمتعناهم إلى حين) قال أبو عبيدة قلت لأبي جعفر عليه السلام: كم كان غاب يونس عن قومه حتى رجع إليهم بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه؟ قال: أربعة أسابيع سبعا منها في ذهابه إلى البحر، وسبعا منها في رجوعه إلى قومه، فقلت له: وما هذه الأسابيع شهور أو أيام أو ساعات؟ فقال: يا با عبيدة ان العذاب اتاهم يوم الأربعاء في النصف من شوال، و صرف عنهم من يومهم ذلك، فانطلق يونس مغاضبا، فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره إلى البحر، وسبعة أيام في بطن الحوت، وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء وسبعة أيام في رجوعه إلى قومه، فكان ذهابه ورجوعه مسير ثمانية وعشرين يوما ثم أتاهم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه، فلذلك قال الله (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي) (3).
(١٣٥)