فرجع موسى يقفى أثره حتى انتهى إليه وهو على حاله مستلق، فقال له موسى:
السلام عليك فقال وعليك السلام يا عالم بني إسرائيل، قال: ثم وثب فأخذ عصاه بيده، قال: فقال له موسى: انى قد أمرت ان اتبعك على أن تعلمني مما عملت رشدا فقال كما قص عليكم (إنك لن تستطيع معي صبرا) قال: فانطلقا حتى انتهيا إلى معبر (1) فلما نظر إليهم أهل المعبر فقالوا: والله لا نأخذ من هؤلاء أجرا، اليوم نحملهم، فلما ذهب السفينة كثرت الماء خرقها (2) قال له موسى كما أخبرتم، ثم قال: (ألم أقل انك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا) قال: وخرجا على ساحل البحر فإذا غلام يلعب مع غلمان عليه قميص حرير أخضر في اذنيه درتان فتوركه العالم (3) فذبحه فقال له موسى (أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا) قال: (فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد ان ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا) خبزا نأكله فقد جعنا، قال: وهي قرية على ساحل البحر يقال لها: ناصرة وبها تسمى النصارى نصارى، فلم يضيفوهما ولا يضيفون بعدهما أحدا حتى تقوم الساعة.
وكان مثل السفينة فيكم وفينا ترك الحسين البيعة لمعوية، وكان مثل الغلام فيكم قول الحسين بن علي لعبد الله بن علي: لعنك الله من كافر، فقال له: قد قتلته يا با محمد وكان مثل الجدار فيكم علي والحسن والحسين (4)