ما يصلح أمر الناس التجارة وما يصلح لهم إلا التفرغ والنظر في شأنهم وما بد لعيالي مما يصلحهم، فترك التجارة واستنفق من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم ويحج ويعتمر، وكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم فلما حضرته الوفاة قال: ردوا ما عندنا من مال المسلمين، فاني لا أصيب من هذا المال شيئا وإن أرضي التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم، فدفع ذلك إلى عمر ولقوحا (1) وعبدا صيقلا وقطيفة ما تساوي خمسة دراهم، فقال عمر: لقد أتعب من بعده، قالوا: واستعمل أبو بكر على الحج سنة إحدى عشرة عمر بن الخطاب ثم اعتمر أبو بكر في رجب سنة اثنتي عشرة، فدخل مكة ضحوة فأتى منزله وأبو قحافة جالس على باب داره ومعه فتيان أحداث يحدثهم إلى أن قيل له: هذا ابنك، فنهض قائما، وعجل أبو بكر أن ينيخ راحلته، فنزل عنها وهي قائمة فجعل يقول: يا أبت لا تقم، ثم لا قاه فالتزمه وقبل بين عيني أبي قحافة، وجعل الشيخ يبكي فرحا بقدومه، وجاؤا إلى مكة عتاب بن أسيد وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام فسلموا عليه، سلام عليك يا خليفة رسول الله، وصافحوه جميعا فجعل أبو بكر يبكي حين يذكرون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سلموا على أبي قحافة
(٦١١)