شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٣١
أشد الناس إنكارا على الرافضة، لطعنهم على الصحابة، حتى إذا ذكر الفتيا وتنقل الصحابة فيها، وقضاياهم بالأمور المختلفة، وقول من استعمل الرأي في دين الله، انتظم مطاعن أعن الرافضة وغيرها، وزاد عليها، وقال في الصحابة أضعاف قولها.
قال: وقال بعض رؤساء المعتزلة: غلط أبي حنيفة في الاحكام عظيم، لأنه أضل خلقا وغلط حماد (1) أعظم من غلط أبي حنيفة، لان حمادا أصل أبي حنيفة الذي منه تفرع، وغلط إبراهيم أغلظ وأعظم من غلط حماد، لأنه أصل حماد وغلط علقمة (2) والأسود (3) أعظم من غلط إبراهيم، لأنهما أصله الذي عليه اعتمد، وغلط ابن مسعود أعظم من غلط هؤلاء جميعا، لأنه أول من بدر إلى وضع الأديان برأيه، وهو الذي قال: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني.
قال: واستأذن أصحاب الحديث على ثمامة (4) بخراسان حيث كان مع الرشيد بن المهدى، فسألوه كتابه الذي صنفه على أبي حنيفة في اجتهاد الرأي، فقال: لست على أبي حنيفة كتبت ذلك الكتاب، وإنما كتبته على علقمة والأسود وعبد الله بن مسعود لأنهم الذين قالوا بالرأي قبل أبي حنيفة.
قال: وكان بعض المعتزلة أيضا إذا ذكر ابن عباس استصغره وقال: صاحب الذؤابة يقول في دين الله برأيه.
وذكر الجاحظ في كتابه المعروف (بكتاب التوحيد) إن أبا هريرة ليس بثقة في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: ولم يكن علي عليه السلام يوثقه في الرواية، بل يتهمه، ويقدح فيه، وكذلك عمر وعائشة.

(1) حماد هو حماد بن أبي سليمان.
(2) علقمة بن قيس.
(3) الأسود بن يزيد.
(4) ثمامة بت أشرس.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست