شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٩٩
ولارتدت في حافرتها، وعاد قارحها جذعا، وبازلها (1) بكرا، ثم فتح الله عليها الفتوح، فأثرت بعد الفاقة، وتمولت بعد الجهد والمخمصة (2)، فحسن في عيونها من الاسلام ما كان سمجا، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطربا، وقالت:
لولا إنه حق لما كان كذا، ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها، وحسن تدبير الامراء القائمين بها، فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين، فكنا نحن ممن خمل ذكره، وخبت ناره، وانقطع صوته وصيته، حتى أكل الدهر علينا وشرب، ومضت السنون والأحقاب بما فيها، ومات كثير ممن يعرف، ونشأ كثير ممن لا يعرف.
وما عسى أن يكون الولد لو كان! إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقربني بما تعلمونه من القرب للنسب واللحمة، بل للجهاد والنصيحة، أفتراه لو كان له ولد هل كان يفعل ما فعلت! وكذاك لم يكن يقرب ما قربت، ثم لم يكن عند قريش والعرب سببا للحظوة والمنزلة، بل للحرمان والجفوة. اللهم إنك تعلم إني لم أرد الامرة، ولا علو الملك والرياسة، وإنما أردت القيام بحدودك، والأداء لشرعك، ووضع الأمور في مواضعها، وتوفير الحقوق على أهلها، والمضي على منهاج نبيك، وإرشاد الضال إلى أنوار هدايتك.
415 - البر ما سكنت إليه نفسك، واطمأن إليه قلبك، والاثم ما جال في نفسك وتردد في صدرك.
416 - الزكاة نقص في الصورة، وزيادة في المعنى.
417 - ليس الصوم الامساك عن المأكل والمشرب، الصوم الامساك عن كل ما يكرهه الله سبحانه.

(1) البازل: الذي فطرنا به.
(2) المخمصة: الجوع.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست