شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٦٤
٨٤ بحسب مجاهدة النفوس وردها عن شهواتها ومنعها عن مصافحة (١) لذاتها ومنع ما أدت إليه العيون الطامحة من لحظاتها - تكون المثوبات والعقوبات، والحازم من ملك هواه، فكان بملكه له قاهرا، ولما قدحت الأفكار من سوء الظنون زاجرا، فمتى لم ترد النفس عن ذلك هجم عليها الفكر بمطالبة ما شغفت (٢) به، فعند ذلك تأنس بالآراء الفاسدة، والأطماع الكاذبة، والأماني المتلاشية، وكما إن البصر إذا اعتل (٣) رأى أشباحا وخيالات لا حقيقة لها، كذلك النفس إذا اعتلت بحب الشهوات وانطوت على قبيح الإرادات، رأت الآراء الكاذبة، فإلى الله سبحانه نرغب في إصلاح ما فسد من قلوبنا، وبه نستعين على إرشاد نفوسنا، فان القلوب بيده يصرفها كيف شاء (٤).
٨٥ - لا تؤاخين الفاجر، فإنه يزين لك فعله، ويود لو إنك مثله، ويحسن لك أقبح خصاله، ومدخله ومخرجه من عندك شين وعار ونقص، ولا الأحمق فإنه يجهد لك نفسه ولا ينفعك، وربما أراد أن ينفعك فضرك، سكوته خير لك من نطقه، وبعده خير لك من قربه، وموته خير لك من حياته، ولا الكذاب فإنه لا ينفعك معه شئ، ينقل حديثك، وينقل الحديث إليك، حتى إنه ليحدث بالصدق فلا يصدق.
٨٦ - ما استقصى كريم قط، قال تعالى في وصف نبيه: ﴿عرف بعضه وأعرض عن بعض﴾ (5).
87 - رب كلمة يخترعها حليم مخافة ما هو شر منها، وكفى بالحلم ناصرا.
88 - من جمع ست خصال لم يدع للجنة مطلبا، ولا عن النار مهربا، من عرف الله فأطاعه، وعرف الشيطان فعصاه، وعرف الحق فاتبعه، وعرف الباطل فاتقاه، و عرف الدنيا فرفضها، وعرف الآخرة فطلبها.

(١) ب: (مسافحة).
(٢) شغفت: رغبت وأرغمت.
(٣) اعتل: أصابته العلة.
(٤) ب: (كيفما شاء).
(٥) سورة التحريم: ٣.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست