شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٦٦
فالحفظ الحفظ لما أوتيت، فإن بك إلى صغير ما أوتيت الكثير منه أشد الحاجة.
وعليك بما أضعته منه أشد الرزية، ولا سيما العمر الذي كل منفذ سواه مستخلف.
وكل ذاهب بعده مرتجع.
فإن كنت شاغلا نفسك بلذة فلتكن لذتك في محادثة العلماء ودرس كتبهم، فإنه ليس سرورك بالشهوات بالغا منك مبلغا إلا وإكبابك على ذلك، ونظرك فيه بالغة منك، غير أن ذلك يجمع إلى عاجل السرور تمام السعادة، وخلاف ذلك يجمع إلى عاجل الغي وخامة العاقبة، وقديما قيل: أسعد الناس أدركهم لهواه إذا كان هواه في رشده، فإذا كان هواه في غير رشده. فقد شقي بما أدرك منه. وقديما قيل: عود نفسك الجميل، فباعتيادك إياه يعود لذيذا.
93 - وكل ثلاث بثلاث: الرزق بالحمق، والحرمان بالعقل، والبلاء بالمنطق، ليعلم ابن آدم أن ليس له من الامر شئ.
94 - ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك: عبدك، وزوجتك، وابنك.
وقد روينا هذه الكلمة لعمر فيما تقدم (1).
95 - للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنة، وطعامهم تهمة، وغنيمتهم غلول، لا يعرفون المساجد إلا هجرا، ولا يأتون الصلاة الا دبرا (2)، مستكبرون لا يألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل صخب (3) بالنهار.

(1) ا: (قدمناه).
(2) دبرا، أي في آخر وقتها.
(3) في اللسان: وفى الحديث في ذكر المنافقين (خشب بالليل، صخب بالنهار، أراد أنهم ينامون كأنهم خشب مطروحة).
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست