شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٦٥
89 - من استحيا من الناس ولم يستحى من نفسه فليس لنفسه عند نفسه قدر.
90 - غاية الأدب أن يستحى الانسان من نفسه.
91 - البلاغة النصر بالحجة، والمعرفة بمواضع الفرصة، ومن البصر (1) بالحجة أن تدع الافصاح بها إلى الكناية عنها إذا كان الافصاح أوعر طريقة، وكانت الكناية أبلغ في الدرك وأحق بالظفر.
92 - إياك والشهوات، وليكن مما تستعين به على كفها علمك بإنها ملهية لعقلك، مهجنة (2) لرأيك، شائنة لغرضك، شاغلة لك عن معاظم أمورك، مشتدة بها التبعة عليك في آخرتك. إنما الشهوات لعب، فإذا حضر اللعب غاب الجد، ولن يقام الدين وتصلح الدنيا إلا بالجد، فإذا (3) نازعتك نفسك إلى اللهو واللذات، فاعلم إنها قد نزعت بك إلى شر منزع، وأرادت بك أفضح الفضوح، فغالبها مغالبة ذلك، وامتنع منها امتناع ذلك، وليكن مرجعك منها إلى الحق، فإنك مهما تترك من الحق لا تتركه إلا إلى الباطل، ومهما تدع من الصواب لا تدعه إلا إلى الخطأ، فلا تداهنن هواك في اليسير فيطمع منك في الكثير.
وليس شئ مما أوتيت فاضلا عما يصلحك، وليس لعمرك وإن طال فضل عما ينو بك من الحق اللازم لك، ولا بما لك وإن كثر فضل عما يجب عليك فيه، ولا بقوتك وإن تمت فضل عن أداء حق الله عليك، ولا برأيك وإن حزم فضل عما لا تعذر بالخطأ فيه، فليمنعنك علمك بذلك من أن تطيل لك عمرا في غير نفع، أو تضيع لك مالا في غير حق، أو أن تصرف لك قوة في غير عبادة، أو تعدل لك رأيا في غير رشد.

(1) كذا في د، وفى ا، ب: (النصر) تحريف.
(2) مهجنة: مقبحة.
(3) د: (وإن).
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست