شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٢
رسول الله صلى الله عليه وآله صهرا لمعاوية. وأخته أم حبيبة تحته، فالأدب أن تحفظ أم حبيبة وهي أم المؤمنين في أخيها.
وكيف يجوز أن يلعن من جعل الله تعالى بينه وبين رسوله مودة! أليس المفسرون كلهم قالوا: هذه الآية أنزلت في أبي سفيان وآله، وهي قوله تعالى: ﴿عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة﴾ (١)! فكان ذلك مصاهرة رسول الله صلى الله عليه وآله أبا سفيان وتزويجه ابنته. على أن جميع ما تنقله الشيعة من الاختلاف بينهم والمشاجرة لم يثبت، وما كان القوم إلا كبني أم واحده ولم يتكدر باطن أحد منهم على صاحبه قط، ولا وقع بينهم اختلاف ولا نزاع.
فقال أبو جعفر رحمه الله: قد كنت منذ أيام علقت بخطى كلاما وجدته لبعض الزيدية في هذا المعنى نقضا وردا على أبى المعالي الجويني فيما اختاره لنفسه من هذا الرأي، وأنا أخرجه إليكم لاستغنى بتأمله عن الحديث على ما قاله هذا الفقيه، فإني أجد ألما يمنعني من الإطالة في الحديث، لا سيما إذا خرج مخرج الجدل ومقاومة الخصوم، ثم أخرج من بين كتبه كراسا قرأناه في ذلك المجلس واستحسنه الحاضرون، وأنا أذكر هاهنا خلاصته.
قال: لولا إن الله تعالى أوجب معاداة أعدائه، كما أوجب موالاة أوليائه، وضيق على المسلمين تركها إذا دل العقل عليها، أو صح الخبر عنها بقوله سبحانه: ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم﴾ (٢)، وبقوله تعالى: ﴿ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء﴾ (3) 7 وبقوله سبحانه: (لا تتولوا قوما

(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست