شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٦
(412) الأصل:
قال عليه السلام - وقد سئل عن معنى قولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله:
إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا، فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا.
الشرح:
معنى هذا الكلام إنه عليه السلام جعل الحول عبارة عن الملكية والتصرف، وجعل القوة عبارة عن التكليف، كأنه يقول لا تملك ولا تصرف إلا بالله، ولا تكليف لأمر من الأمور إلا بالله، فنحن لا نملك مع الله شيئا، أي لا نستقل بأن نملك شيئا، لأنه لولا إقداره إيانا وخلقته لنا أحياء لم نكن مالكين ولا متصرفين، فإذا ملكنا شيئا هو أملك به - أي أقدر عليه منا - صرنا مالكين له كالمال مثلا حقيقة، وكالعقل والجوارح والأعضاء مجازا، وحينئذ يكون مكلفا لنا أمرا يتعلق بما ملكنا إياه، نحو أن يكلفنا الزكاة عند تمليكنا المال، ويكلفنا النظر عند تمليكنا العقل، ويكلفنا الجهاد والصلاة والحج وغير ذلك عند تمليكنا الأعضاء والجوارح، ومتى أخذ منا المال وضع عنا تكليف الزكاة، ومتى أخذ العقل سقط تكليف النظر، ومتى أخذ الأعضاء و الجوارح سقط تكليف الجهاد وما يجرى مجراه.
هذا هو تفسير قوله عليه السلام، فأما غيره فقد فسره بشئ آخر، قال
(٦)
مفاتيح البحث: الزكاة (2)، الحج (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست