شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٦
شعبة وأضرابهما، فليس لخوضنا في قصتهم معنى!
وبعد، فكيف أدخلتم أيها العامة والحشوية وأهل الحديث أنفسكم في أمر عثمان وخضتم فيه، وقد غاب عنكم! وبرئتم من قتلته، ولعنتموهم! وكيف لم تحفظوا أبا بكر الصديق في محمد ابنه فإنكم لعنتموه، وفسقتموه، ولا حفظتم عائشة أم المؤمنين في أخيها محمد المذكور، ومنعتمونا أن نخوض وندخل أنفسنا في أمر على والحسن والحسين ومعاوية الظالم له ولهما، المتغلب على حقه وحقوقهما! وكيف صار لعن ظالم عثمان من السنة عندكم، ولعن ظالم على والحسن والحسين تكلفا! وكيف أدخلت العامة أنفسها في أمر عائشة وبرئت ممن نظر إليها، ومن القائل لها: يا حميراء، أو إنما هي حميراء، ولعنته بكشفه سترها، ومنعتنا نحن عن الحديث في أمر فاطمة وما جرى لها بعد وفاة أبيها.
فان قلتم: إن بيت فاطمة إنما دخل، وسترها إنما كشف، حفظا لنظام الاسلام، وكيلا ينتشر الامر ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة (1) الطاعة ولزوم الجماعة.
قيل لكم: وكذلك ستر عائشة إنما كشف، وهودجها إنما هتك، لأنها نشرت (2) حبل الطاعة، وشقت عصا المسلمين، وأراقت دماء المسلمين من قبل وصول علي بن أبي طالب عليه السلام إلى البصرة، وجرى لها مع عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة ومن كان معهما من المسلمين الصالحين من القتل وسفك الدماء ما تنطق به كتب التواريخ والسير، فإذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد جاز كشف ستر عائشة على ما قد وقع وتحقق، فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر التي يجب معها التخليد في النار،

(1) ربقة الطاعة: عروتها.
(2) نشرت حبل الطاعة: أي قطعته.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست