فإن قالوا عمر ما شتم ولا ضرب، ولا أساء إلا إلى عاص مستحق لذلك، قيل لهم:
فكأنا نحن نقول: إنا نريد أن نبرأ ونعادي من لا يستحق البراءة والمعاداة! كلا ما قلنا هذا، ولا يقول هذا مسلم ولا عاقل.
وإنما غرضنا الذي إليه نجري بكلامنا هذا أن نوضح أن الصحابة قوم من الناس لهم ما للناس، وعليهم ما عليهم، من أساء منهم ذممناه، ومن أحسن منهم حمدناه، وليس لهم على غيرهم من المسلمين كبير فضل إلا بمشاهدة الرسول ومعاصرته لا غير، بل ربما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم، لأنهم شاهدوا الاعلام والمعجزات، فقربت اعتقاداتهم من الضرورة، ونحن لم نشاهد ذلك، فكانت عقائدنا محض النظر والفكر، وبعرضية الشبه والشكوك، فمعاصينا أخف لأنا أعذر.
ثم نعود إلى ما كنا فيه فنقول: وهذه عائشة أم المؤمنين، خرجت بقميص رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت للناس: هذا قميص رسول الله لم يبل، وعثمان قد أبلى سنته، ثم تقول: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا، ثم لم ترض بذلك حتى قالت: أشهد أن عثمان جيفة على الصراط غدا. فمن الناس من يقول روت في ذلك خبرا، ومن الناس من يقول هو موقوف عليها، وبدون هذا لو قاله إنسان اليوم يكون عند العامة زنديقا. ثم قد حصر عثمان، حصرته أعيان الصحابة، فما كان أحد ينكر ذلك، ولا يعظمه ولا يسعى في إزالته، وإنما أنكروا على من أنكر على المحاصرين له، وهو رجل كما علمتم من وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم من أشرافهم، ثم هو أقرب إليه من أبى بكر وعمر، وهو مع ذلك إمام المسلمين، والمختار منهم للخلافة، وللامام حق على رعيته عظيم، فإن كان القوم قد أصابوا فإذن ليست الصحابة في الموضع الذي وضعتها به العامة، وإن كانوا ما أصابوا فهذا هو الذي نقول، من أن الخطأ جائز على