شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٠٥
عبد الله وقد نصب له مصراع عند الكعبة، فكان يكون تحته، فأتاه رجل من قريش فقال له: ألا نفتح لك باب الكعبة فتدخلها؟ فقال: والله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم عن آخركم، وهل حرمة البيت إلا كحرمة الحرم! ثم أنشد:
ولست بمبتاع الحياة بسبه * ولا مرتق من خشية الموت سلما ثم شد عليه أصحاب الحجاج، فسأل عنهم، فقيل هؤلاء أهل مصر، فقال لأصحابه:
اكسروا أغماد سيوفكم، واحملوا معي، فإنني في الرعيل الأول، ففعلوا، ثم حمل عليهم وحملوا عليه، فكان يضرب بسيفين، فلحق رجلا فضربه فقطع يده، وانهزموا وجعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد، وجعل رجل منهم أسود يسبه، فقال له: اصبر يا بن حام، ثم حمل عليه فصرعه، ثم دخل عليه أهل حمص من باب بنى شيبة فسأل عنهم، فقيل هؤلاء أهل حمص، فشد عليهم وجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد، ثم انصرف وهو يقول:
لو كان قرني واحدا أرديته * أوردته الموت وقد ذكيته.
ثم دخل عليه أهل الأردن من باب آخر، فقال: من هؤلاء؟ قيل أهل الأردن، فجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد، ثم انصرف وهو يقول لا عهد لي بغارة مثل السيل * لا ينجلي قتامها حتى الليل.
فأقبل عليه حجر من ناحية الصفا فأصابه بين عينيه، فنكس رأسه وهو يقول ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا * ولكن على أقدامنا تقطر الدما (1)

(1) للحصين بن الحمام المري من المفضلية 12.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست