أنبيائه، ثم قالت: أنا فاطمة ابنة محمد، أقول عودا على بدء، وما أقول ذلك سرفا ولا شططا، فاسمعوا بأسماع واعية، وقلوب راعية، ثم قالت: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم﴾ (١) فإن تعزوه تجدوه أبى دون آبائكم، وأخا أبن عمى دون رجالكم، ثم ذكرت كلاما طويلا سنذكره فيما بعد في الفصل الثاني تقول، في آخره: ثم أنتم الان تزعمون أن لا إرث لي، ﴿أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون﴾ (2) إيها معاشر المسلمين، ابتز إرث أبى! أبى الله أن ترث يا بن أبي قحافة أباك ولا أرث أبى، لقد جئت شيئا فريا! فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم! ثم التفتت إلى قبر أبيها فتمثلت بقول هند بنت أثاثة:
قد كان بعدك أنباء وهينمة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب (3) أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما قضيت وحالت دونك الكتب تجهمتنا رجال واستخف بنا * إذا غبت عنا فنحن اليوم نغتصب قال: ولم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ. ثم عدلت إلى مسجد الأنصار فقالت: يا معشر البقية، وأعضاد الملة، وحضنة الاسلام، ما هذه الفترة عن نصرتي، والونية عن معونتي، والغمزة في حقي، والسنة عن ظلامتي! أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (المرء يحفظ في ولده)! سرعان ما أحدثتم، وعجلان ما أتيتم. ألان مات رسول الله صلى الله عليه وآله أمتم دينه! ها إن موته لعمري خطب جليل استوسع وهنه،