الأصل: بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، ونعم الحكم الله. وما أصنع بفدك وغير فدك، والنفس مظانها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها، وحفرة لو زيد في فسحتها، وأوسعت يدا حافرها، لأضغطها الحجر والمدر، وسد فرجها التراب المتراكم، وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق.
* * * الشرح: الجدث: القبر، وأضغطها الحجر: جعلها ضاغطة والهمزة للتعدية، ويروى:
(وضغطها).
وقوله: (مظانها في غد جدث)، المظان: جمع مظنة، وهو موضع الشئ ومألفه الذي يكون فيه، قال:
فإن يك عامر قد قال جهلا * فان مظنة الجهل الشباب (1) يقول: لا مال لي، ولا اقتنيت فيما مضى مالا، وإنما كانت في أيدينا فدك فشحت عليها نفوس قوم، أي بخلت وسخت عنها نفوس آخرين، أي سامحت وأغضت.
وليس يعنى هاهنا بالسخاء إلا هذا، لا السخاء الحقيقي، لأنه عليه السلام وأهله لم يسمحوا بفدك إلا غصبا وقسرا، وقد قال هذه الألفاظ في موضع آخر فيما تقدم، وهو يعنى الخلافة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.