شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٠٧
ثم أمره بأن يترك ما فيه شبهة إلى ما لا شبهة فيه، وسمى ذلك قضما ومقضما وإن كان مما لا يقضم لاحتقاره له، وازدرائه إياه، وأنه عنده ليس مما يستحق أن يسمى بأسماء المرغوب فيه، المتنافس عليه، وذلك لان القضم يطلق على معنيين: أحدهما على أكل الشئ اليابس، والثاني على ما يؤكل ببعض الفم، وكلاهما يدلان على أن ذلك المقضم المرغوب عنه، لا فيه.
ثم ذكر ع حال نفسه فقال: (إن إمامكم قد قنع من الدنيا بطمريه)، والطمر الثوب الخلق البالي، وإنما جعلهما اثنين لأنهما إزار ورداء لا بد منهما، أي للجسد والرأس.
قال: (ومن طعمه بقرصيه))، أي قرصان يفطر عليهما لا ثالث لهما. وروى:
(قد اكتفى من الدنيا بطمريه، وسد فورة جوعه بقرصيه، لا يطعم الفلذة في حوليه إلا في يوم أضحيه).
ثم قال: إنكم لن تقدروا على ما أقدر عليه، ولكني أسألكم أن تعينوني بالورع والاجتهاد.
ثم أقسم أنه ما كنز ذهبا، ولا أدخر مالا، ولا أعد ثوبا باليا سملا لبالي ثوبيه، فضلا عن أن يعد ثوبا قشيبا كما يفعله الناس في إعداد ثوب جديد ليلبسوه عوض الأسمال التي ينزعونها، ولا حاز من أرضها شبرا، والضمير في (أرضها) يرجع إلى (دنياكم)، ولا أخذ منها إلا كقوت أتان دبرة، وهي التي عقر ظهرها فقل أكلها.
ثم قال: (ولهي في عيني أهون من عفصة مقرة)، أي مرة، مقر الشئ بالكسر أي صار مرا، وأمقره بالهمز أيضا قال لبيد:
ممقر مر على أعدائه * وعلى الأدنين حلو كالعسل (1)

(1) ديوانه 197.
(٢٠٧)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، الطعام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268