ثم قال: (ونعم الحكم الله)، الحكم: الحاكم، وهذا الكلام كلام شاك متظلم ثم ذكر مال الانسان وأنه لا ينبغي أن يكترث بالقينات والأموال، فإنه يصير عن قريب إلى دار البلى ومنازل الموتى.
ثم ذكر أن الحفرة ضيقة وأنه لو وسعها الحافر لألجأها الحجر المتداعي والمدر المتهافت، إلى أن تضغط الميت وتزحمه. وهذا كلام محمول على ظاهره لأنه خطاب للعامة، وإلا فأي فرق بين سعة الحفرة وضيقها على الميت! اللهم إلا أن يقول قائل: إن الميت يحس في قبره، فإذا قيل ذلك فالجاعل له حساسا بعد عدم الحس هو الذي يوسع الحفرة، وإن كان الحافر قد جعلها ضيقة، فإذن هذا الكلام جيد لخطاب العرب خاصة، ومن يحمل الأمور على ظواهرها.
ثم قال: (وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى)، يقول: تقللي واقتصاري من المطعم والملبس على الجشب والخشن رياضه لنفسي، لان ذلك إنما أعمله خوفا من الله أن أنغمس في الدنيا، فالرياضة بذلك هي رياضة في الحقيقة بالتقوى، لا بنفس التقلل والتقشف، لتأتي نفسي آمنة يوم الفزع الأكبر، وتثبت في مداحض الزلق.
* * * (ذكر ما ورد من السير والاخبار في أمر فدك) واعلم أنا نتكلم في شرح هذه الكلمات بثلاثة فصول: الفصل الأول فيما ورد في الحديث والسير من أمر فدك، والفصل الثاني في هل النبي صلى الله عليه وآله يورث أم لا؟، والفصل الثالث في أن فدك، هل صح كونها نحلة من رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة أم لا؟