لا يكذب أهله، وقد قلت فأبلغت، وأغلظت فأهجرت، فغفر الله لنا ولك. أما بعد، فقد دفعت آله رسول الله ودابته وحذاءه إلى علي عليه السلام وأما ما سوى ذلك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا عقارا ولا دارا، ولكنا نورث الايمان والحكمة والعلم والسنة)، فقد عملت بما أمرني ونصحت له، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
قال أبو بكر: وروى هشام بن محمد، عن أبيه قال: قالت فاطمة لأبي بكر: إن أم أيمن تشهد لي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاني فدك، فقال لها: يا ابنه رسول الله والله، ما خلق الله خلقا أحب إلى من رسول الله صلى الله عليه وآله أبيك، ولوددت أن السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك، والله لان تفتقر عائشة أحب إلى من أن تفتقري، أتراني أعطى الأحمر والأبيض حقه وأظلمك حقك، وأنت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم!
إن هذا المال لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان مالا من أموال المسلمين يحمل النبي به الرجال، وينفقه في سبيل الله، فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليته كما كان يليه. قالت: والله لا كلمتك أبدا! قال: والله لا هجرتك أبدا، قالت: والله لأدعون الله عليك، قال: والله لأدعون الله لك، فلما حضرتها الوفاة أوصت ألا يصلى عليها، فدفنت ليلا، وصلى عليها عباس بن عبد المطلب، وكان بين وفاتها ووفاة أبيها اثنتان وسبعون ليلة.
قال أبو بكر: وحدثني محمد بن زكريا، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة بالاسناد الأول قال: فلما سمع أبو بكر خطبتها شق عليه مقالتها فصعد المنبر وقال: أيها الناس، ما هذه الرعة إلى كل قالة! أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم