قال أبو بكر: وحدثني محمد بن زكريا قال، حدثني أبن عائشة، قال: حدثني أبي، عن عمه قال: لما كلمت فاطمة أبا بكر بكى، ثم قال: يا بنة رسول الله، والله ما ورث أبوك دينارا ولا درهما، وإنه قال: إن الأنبياء لا يورثون، فقالت: إن فدك وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وآله، قال فمن يشهد بذلك؟ فجاء علي بن أبي طالب عليه السلام فشهد، وجاءت أم أيمن فشهدت أيضا، فجاء عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف فشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسمها، قال أبو بكر: صدقت يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق على، وصدقت أم أيمن وصدق عمر، وصدق عبد الرحمن بن عوف، وذلك أن مالك لأبيك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ من فدك قوتكم، ويقسم الباقي، ويحمل منه في سبيل الله، فما تصنعين بها؟ قالت: أصنع بها كما يصنع بها أبى، قال: فلك على الله أن أصنع فيها كما يصنع فيها أبوك، قالت:
الله لتفعلن! قال: الله لأفعلن، قالت: اللهم اشهد، وكان أبو بكر يأخذ غلتها فيدفع إليهم منها ما يكفيهم، ويقسم الباقي، وكان عمر كذلك، ثم كان عثمان كذلك: ثم كان على كذلك، فلما ولى الامر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحكم ثلثها، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها، وأقطع يزيد بن معاوية ثلثها، وذلك بعد موت الحسن بن علي عليه السلام، فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت كلها لمروان بن الحكم أيام خلافته، فوهبها لعبد العزيز ابنه، فوهبها عبد العزيز لابنه عمر بن عبد العزيز، فلما ولى عمر بن العزيز الخلافة، كانت أول ظلامة ردها دعا حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام - وقيل: بل دعا علي بن الحسين عليه السلام - فردها عليه، وكانت بيد أولاد فاطمة عليه السلام مده ولاية عمر بن عبد العزيز فلما ولى يزيد بن عاتكة قبضها منهم، فصارت في أيدي بنى مروان كما كانت يتداولونها، حتى انتقلت الخلافة عنهم، فلما ولى أبو العباس السفاح ردها على عبد الله