شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢١٢
أنبيائه، ثم قالت: أنا فاطمة ابنة محمد، أقول عودا على بدء، وما أقول ذلك سرفا ولا شططا، فاسمعوا بأسماع واعية، وقلوب راعية، ثم قالت: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم﴾ (١) فإن تعزوه تجدوه أبى دون آبائكم، وأخا أبن عمى دون رجالكم، ثم ذكرت كلاما طويلا سنذكره فيما بعد في الفصل الثاني تقول، في آخره: ثم أنتم الان تزعمون أن لا إرث لي، ﴿أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون﴾ (2) إيها معاشر المسلمين، ابتز إرث أبى! أبى الله أن ترث يا بن أبي قحافة أباك ولا أرث أبى، لقد جئت شيئا فريا! فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم! ثم التفتت إلى قبر أبيها فتمثلت بقول هند بنت أثاثة:
قد كان بعدك أنباء وهينمة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب (3) أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما قضيت وحالت دونك الكتب تجهمتنا رجال واستخف بنا * إذا غبت عنا فنحن اليوم نغتصب قال: ولم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ. ثم عدلت إلى مسجد الأنصار فقالت: يا معشر البقية، وأعضاد الملة، وحضنة الاسلام، ما هذه الفترة عن نصرتي، والونية عن معونتي، والغمزة في حقي، والسنة عن ظلامتي! أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (المرء يحفظ في ولده)! سرعان ما أحدثتم، وعجلان ما أتيتم. ألان مات رسول الله صلى الله عليه وآله أمتم دينه! ها إن موته لعمري خطب جليل استوسع وهنه،

(١) سورة التوبة ١٢٨، ١٢٩.
(٢) سورة المائدة ٥٠.
(3) الهينمة: الصوت الخفي، وانظر اللسان.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268