في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فنخبره الخبر، فأما أن يردنا أو يزيدنا رجالا، فبينا الناس على ذلك من أمرهم جاءهم عبد الله بن رواحة فشجعهم، وقال: والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدة ولا كثرة سلاح ولا كثرة خيل، إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، انطلقوا فقاتلوا، فقد والله رأينا يوم بدر، وما معنا إلا فرسان، أنما هي إحدى الحسنيين: إما الظهور عليهم فذاك ما وعدنا الله ورسوله، وليس لوعده خلف، وإما الشهادة فنلحق بالإخوان، نرافقهم في الجنان.
فشجع الناس على قول ابن رواحة.
قال الواقدي: وروى أبو هريرة قال: شهدت مؤتة فلما رأينا المشركين رأينا ما لا قبل لنا به من العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب، فبرق بصري، فقال لي ثابت بن أرقم: ما لك يا أبا هريرة، كأنك ترى جموعا كثيرة! قلت:
نعم، قال: لم تشهدنا ببدر، إنا لم ننصر بالكثرة.
قال الواقدي: فالتقى القوم، فأخذ اللواء زيد بن حارثة، فقاتل حتى قتل، طعنوه بالرماح، ثم أخذه جعفر فنزل عن فرس له شقراء فعرقبها، ثم قاتل حتى قتل.
قال الواقدي: قيل إنه ضربه رجل من الروم فقطعه نصفين، فوقع أحد نصفيه في كرم هناك، فوجد فيه ثلاثون أو بضع وثلاثون جرحا.
قال الواقدي: وقد روى نافع عن ابن عمر أنه وجد في بدن جعفر بن أبي طالب اثنتان وسبعون ضربة وطعنة بالسيوف والرماح.
قال البلاذري: قطعت يداه ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لقد أبدله الله بهما جناحين يطير بهما في الجنة "، ولذلك سمي الطيار.
قال الواقدي: ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فنكل يسيرا، ثم حمل فقاتل