وما تمنيت فقد أعطيت * إن تفعلي فعلهما هديت * وإن تأخرت فقد شقيت * ثم نزل عن فرسه فقاتل، فأتاه ابن عم له ببضعة من لحم، فقال اشدد بهذا صلبك. فأخذها من يده فانتهش (1) منها نهشة ثم سمع الحطمة (2) في ناحية من الناس، فقال: وأنت يا بن رواحة في الدنيا! ثم ألقاها من يده وأخذ سيفه، فتقدم فقاتل حتى قتل (3).
قال الواقدي: حدثني داود بن سنان، قال: سمعت ثعلبة بن أبي مالك يقول:
انكشف خالد بن الوليد يومئذ بالناس حتى عيروا بالفرار، وتشاءم الناس به.
قال: وروى أبو سعيد الخدري، قال: أقبل خالد بالناس منهزمين، فلما سمع أهل المدينة بهم تلقوهم بالجرف، فجعلوا يحثون في وجوههم التراب ويقولون: يا فرار، أفررتم في سبيل الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليسوا بالفرار، ولكنهم كرار، إن شاء الله.
قال الواقدي: وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما لقي جيش بعثوا مبعثا ما لقي أصحاب مؤتة من أهل المدينة، لقوهم بالشر، حتى أن الرجل ينصرف إلى بيته وأهله فيدق عليهم فيأبون أن يفتحوا له يقولون: ألا تقدمت مع أصحابك فقتلت، وجلس الكبراء منهم في بيوتهم استحياء من الناس، حتى أرسل النبي صلى الله عليه وآله رجلا، يقول لهم: أنتم الكرار في سبيل الله. فخرجوا.
قال الواقدي: فحدثني مالك بن أبي الرجال عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر، عن جدتها أسماء بنت عميس، قالت: أصبحت في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وقد منأت أربعين منا من أدم وعجنت عجيني، وأخذت بنى، فغسلت وجوههم ودهنتهم، فدخلت على