عليه وآله يقرأ: (وإن منكم إلا واردها)، (1) فلست أدرى كيف لي بالصدر بعد الورود (2)!
قال الواقدي: وكان زيد بن أرقم يحدث، قال: كنت يتيما في حجر عبد الله بن رواحة، فلم أر والي يتيم كان خيرا لي منه، خرجت معه في وجهه إلى مؤتة وصب بي وصببت به، فكان يردفني خلف رحله، فقال ذات ليلة وهو على راحلته بين شعبتي رحله:
إذا بلغتني وحملت رحلي * مسافة أربع بعد الحساء (3) فشأنك فانعمي وخلاك ذم * ولا أرجع إلى أهلي ورائي وآب المسلمون وخلفوني * بأرض الشام مشتهر الثواء وزودني الأقارب من دعاء * إلى الرحمن وانقطع الإخاء هنالك لا أبالي طلع نخل * ولا نخل أسافلها رواء (5) فلما سمعت منه هذا الشعر بكيت: فخفقني بالدرة وقال: وما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة فأستريح من الدنيا ونصبها، وهمومها وأحزانها وأحداثها، وترجع أنت بين شعبتي الرحل.
قال الواقدي: ومضى المسلمون فنزلوا وادي القرى فأقاموا به أياما، وساروا حتى نزلوا بمؤتة، وبلغهم أن هرقل ملك الروم قد نزل ماء من مياه البلقاء في بكر وبهراء ولخم وجذام وغيرهم مائه الف مقاتل، وعليهم رجل من بلي، فأقام المسلمون ليلتين ينظرون