قال الواقدي: وحدثني أبو صفوان، عن خالد بن يزيد، قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله مشيعا لأهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع، فوقف ووقفوا حوله، فقال: اغزوا بسم الله، فقاتلوا عدو الله وعدوكم بالشام، وستجدون فيها رجالا في الصوامع معتزلين الناس، فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص، فاقلعوها بالسيوف، ولا تقتلن امرأة، ولا صغيرا ضرعا (1) ولا كبيرا فانيا، ولا تقطعن نخلا ولا شجرا، ولا تهدمن بناء.
قال الواقدي: فلما دعا ودع عبد الله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وآله قال له:
مرني بشئ أحفظه عنك، قال إنك قادم غدا بلدا، السجود فيه قليل، فأكثروا السجود. فقال عبد الله: زدني يا رسول الله، قال: أذكر الله، فإنه عون لك على ما تطلب.
فقام من عنده حتى إذا مضى ذاهبا رجع فقال: يا رسول الله، إن الله وتر يحب الوتر، فقال: يا بن رواحة: ما عجزت فلا تعجز إن أسأت عشرا أن تحسن واحدة. فقال ابن رواحة: لا أسألك عن شئ بعدها.
وروى محمد بن إسحاق أن عبد الله بن رواحة ودع رسول الله صلى الله عليه وآله بشعر منه:
فثبت الله ما آتاك من حسن * تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا إني تفرست فيك الخير نافلة * فراسة خالفتهم في الذي نظروا أنت الرسول فمن يحرم نوافله * والبشر منه فقد أودى به القدر قال محمد بن إسحاق: فلما ودع المسلمين بكى، فقالوا له: ما يبكيك يا عبد الله؟
قال: والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله صلى الله