شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٥ - الصفحة ٦٢
المسير وعقد رسول الله صلى الله عليه وآله لهم اللواء بيده دفعه إلى زيد بن حارثة، وهو لواء أبيض، ومشى الناس إلى أمراء رسول الله صلى الله عليه وآله يودعونهم ويدعون لهم وكانوا ثلاثة آلاف، فلما ساروا في معسكرهم ناداهم المسلمون: دفع الله عنكم، وردكم صالحين سالمين غانمين، فقال عبد الله بن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة * وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا (1) أو طعنة بيدي حران مجهزة * بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا (2) حتى يقولوا إذا مروا على جدثي * يا أرشد الله من غاز فقد رشدا (3) قلت: اتفق المحدثون على أن زيد بن حارثة كان هو الأمير الأول، وأنكرت الشيعة ذلك، وقالوا كان جعفر بن أبي طالب هو الأمير الأول، فإن قتل فزيد بن حارثة، فإن قتل فعبد الله بن رواحة، ورووا في ذلك روايات، وقد وجدت في الاشعار التي ذكرها محمد بن إسحاق في كتاب المغازي ما يشهد لقولهم، فمن ذلك ما رواه عن حسان بن ثابت وهو:
تأوبني ليل بيثرب أعسر * وهم إذا ما نوم الناس مسهر (4) لذكرى حبيب هيجت لي عبرة * سفوحا وأسباب البكاء التذكر بلى إن فقدان الحبيب بلية (5) * وكم من كريم يبتلى ثم يصبر!
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا * بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر وزيد وعبد الله حين تتابعوا * جميعا وأسياف المنية تخطر

(1) سيرة ابن هشام 3: 429. ذات فرغ، أي واسعة، والزبد، أصله ما يعلو الماء إذا غلا، وأراد هنا ما يعلو الدم الذي ينفجر من الطعنة.
(2) مجهزة: سريعة القتل، وتنفذ الأحشاء: تخرقها وتصل إليها.
(3) ابن هشام: " وقد ".
(4) ديوانه 179 - 181، وسيرة ابن هشام 3: 440 - 442. تأوبني: عاودني ورجع إلي، ومسهر: داع إلى السهر.
(5) الديوان: " بلاء وفقدان الحبيب ".
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 القول في أسماء الذين تعاقدوا من قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 القول في الملائكة نزلت بأحد وقاتلت أم لا 10
3 القول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 11
4 القول فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد 19
5 القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل 25
6 القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة 44
7 القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاذ بن المغيرة 45
8 القول في مقتل المجذر بن زياد البلوى الحارث بن يزيد بن الصامت 48
9 القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة 51
10 القول فيمن قتل من المشركين بأحد 52
11 القول في خروج النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن 55
12 الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة 61
13 فصل في ذكر بعض مناقب جعفر بن أبي طالب 72
14 10 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 79
15 11 - من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو 89
16 12 - من وصية له عليه السلام وصى بها معقل بن قيس الرباحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف 92
17 نبذ من الأقوال الحكمية في الحروب 95
18 13 - من كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه 98
19 فصل في نسب الأشتر وذكر بعض فضائله 98
20 نبذ من الأقوال الحكيمة 102
21 14 - من وصية له عليه السلام لعسكره بصفين قبل لقاء العدو 104
22 نبذ من الأقوال الحكيمة 105
23 قصة فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطلة 107
24 15 - من كلام كان يقوله عليه السلام إذا لقى عدوا محاربا 112
25 16 - من كلام كان يقوله لأصحابه عند الحرب 114
26 نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب 115
27 17 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه إليه 117
28 ذكر بعض ما كان بين علي ومعاوية يوم صفين 120
29 18 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وهو عامله على البصرة 125
30 فصل في بني تميم وذكر بعض فضائلهم 126
31 19 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 137
32 20 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه 138
33 21 - من كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس أيضا 140
34 23 - من كلامه له عليه السلام قاله قبل موته على سبيل الوصية لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله 143
35 24 - من وصية له عليه السلام بما يعمل في أحواله، كتبها بعد منصرفه من صفين 146
36 25 - من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات 151
37 26 - من عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة 158
38 27 - من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر 163
39 كتاب المعتضد بالله 171
40 28 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب 181
41 كتاب لمعاوية إلى علي 184
42 مناكحات بني هاشم وبني عبد شمس 195
43 فضل بنى هاشم على بن شمس 198
44 مفاخر بنى أمية 257
45 ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية 270
46 افتخار بني هاشم 285