أعمالهم. وذكرت حسدي الخلفاء، وإبطائي عنهم، وبغيي عليهم، فأما البغي فمعاذ الله أن يكون، وأما الابطاء عنهم والكراهية لأمرهم فلست أعتذر إلى الناس من ذلك، إن الله تعالى ذكره لما قبض نبيه صلى الله عليه وسلم قالت قريش: منا أمير، وقالت الأنصار:
منا أمير، فقالت قريش: منا محمد، نحن أحق بالامر، فعرفت ذلك الأنصار فسلمت لهم الولاية والسلطان، فإذا استحقوها بمحمد صلى الله عليه وسلم دون الأنصار فإن أولى الناس بمحمد أحق به منهم، وإلا فإن الأنصار أعظم العرب فيها نصيبا، فلا أدرى: أصحابي سلموا من أن يكونوا حقي أخذوا، أو الأنصار ظلموا بل عرفت أن حقي هو المأخوذ، وقد تركته لهم تجاوز الله عنهم. وأما ما ذكرت من أمر عثمان، وقطيعتي رحمه، وتأليبي عليه فإن عثمان عمل ما قد بلغك، فصنع الناس به ما رأيت، وإنك لتعلم أنى قد كنت في عزلة عنه إلا أن تتجنى، فتجن (1) ما بدا لك، وأما ما ذكرت من أمر قتلة عثمان فإني نظرت في هذا الامر وضربت أنفه وعينه فلم أر دفعهم إليك ولا إلى غيرك، ولعمري لئن لم تنزع عن غيك وشقاقك لتعرفنهم عن قليل يطلبونك لا يكلفونك أن تطلبهم في بر ولا بحر ولا سهل ولا جبل، وقد أتاني أبوك حين ولى الناس أبا بكر، فقال: أنت أحق بمقام محمد، وأولى الناس بهذا الامر، وأنا زعيم لك بذلك على من خالف، ابسط يدك أبايعك، فلم أفعل، وأنت تعلم أن أباك قد قال ذلك وأراده حتى كنت أنا الذي أبيت، لقرب عهد الناس بالكفر مخافة الفرقة بين أهل الاسلام، فأبوك كان أعرف بحقي منك، فإن تعرف من حقي ما كان أبوك يعرف تصب رشدك، وإن لم تفعل فسيغني الله عنك، والسلام (2)