عبد الله بن الزبير لما أتاه خبر المصعب: أنا والله ما نموت حبجا (1) كما يموت آل أبي العاص، والله ما قتل منهم قتيل في جاهلية ولا إسلام، وما نموت إلا قتلا، قعصا (2) بالرماح، وموتا تحت ظلال السيوف.
قال أبو عثمان: كأنه لم يعد قتل معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قتلا، إذ كان إنما قتل في غير معركة، وكذلك قتل عثمان بن عفان، إذ كان إنما قتل محاصرا، ولا قتل مروان بن الحكم، لأنه قتل خنقا، خنقته النساء. قال: وإنما فخر عبد الله بن الزبير بما في بنى أسد بن عبد العزى من القتلى، لان من شأن العرب أن يفخروا بذلك، كيف كانوا قاتلين أو مقتولين، ألا ترى أنك لا تصيب كثرة القتلى إلا في القوم المعروفين بالبأس والنجدة وبكثرة اللقاء والمحاربة، كآل أبى طالب، وآل الزبير، وآل المهلب!
قال: وفي آل الزبير خاصة سبعة مقتولون في نسق ولم يوجد ذلك في غيرهم، قتل عمارة وحمزة ابنا عبد الله بن الزبير يوم قديد في المعركة، قتلهما الأباضية، وقتل عبد الله بن الزبير في محاربة الحجاج، وقتل مصعب بن الزبير بدير الجاثليق (3) في المعركة أكرم قتل، وبإزائه عبد الملك بن مروان، وقتل الزبير بوادي السباع منصرفه عن وقعة الجمل، وقتل العوام بن خويلد في حرب الفجار، وقتل خويلد بن أسد بن عبد العزى في حرب خزاعة، فهؤلاء سبعه في نسق.
قال: وفي بني أسد بن عبد العزى قتلى كثيرون غير هؤلاء، قتل المنذر بن الزبير بمكة، قتله أهل الشام في حرب الحجاج، وهو على بغل ورد كان نفر به فأصعد به في الجبل.